ثورة أون لاين- سعاد زاهر:
تكاد خيوطه كلها تُنسَج بطريقة “مطاطية” بما يترك مرونة جاذبة لكم كبير من الاحتمالات الحكائية والصراعات والموضات الدرامية… هدفها التشابك مع جمهور يُراد له التأثر بتراكمية إعلانية في لحظة نحتار من يتحكم بالآخر، الإعلان أم منصة العرض..؟
حكايا المال الدرامي مثيرة ومغرية، فعبرها يسطع النجوم، و تركع الأقلام… وتغمد الآراء وتستمر الألاعيب الدرامية هازئة بفكر ومنطق إبداعي، يمكن لاعتناقهما أن يسدل الستارة على ضباب يسد منافذ الوعي، ويزف إلينا بوارج نجوم المستقبل، ومقود القيادة لا يقترب حتى من أيديهم، إنها قيادة المال الذاتية عن بعد لا يترك فرصة الانعتاق خارج قبضته..!
ما الذي يفعله المعنيون.. خلال هذا كله ؟
بعض الآراء المتناثرة، الأقلام الناطقة.. تزف إلينا بشرى أو وعيد..على تدهور كارثي تعيشه درامانا العربية، تحذر منه نظرياً، وتحتضنه واقعياً، ويستمر السير على مستويات متوازية لا يلتقي فيها سوى الأذرع الممدودة باتجاه المال، الذي بدوره لا يفتحهما إلا لمن أمسك الحبال المطاطية لينسج على المنوال ذاته..!
النتائج التي عبرت إلينا منذ بدء الانفتاح الفضائي منتصف التسعينات، راكمت شروطاً وضعت في اعتبارها عقلية إنتاجية كان من الصعب فهمها أو التعاطي معها، إلا عبر تجارب نجاحها وليدة مصادفة فنية، أو مزاج آني لجمهور قد ينسى العمل بمجرد انتهاء عرضه..
حين تُسمِع هذا العام عن ميزاينات قد تصل في بعض البلدان إلى مليارات، وظِّفت لصالح الدراما، بُعثرت على مختلف القنوات العارضة، وترى شرطها الإنتاجي سواء أكان عادياً أو باذخاً، تستغرب أن الدراما تضخُّ وتجنِّد لها فضائيات كاملة مختصة، ومنوعة طوال شهر كامل، عدا عن الإعادات لمختلف المسلسلات طوال العام.. وأضيف لها مؤخراً إنتاجات حديثة …!
كيف لم تتمكن من خلق معادلات إبداعية فنية، تغيرنا، تُهيِّئُنا لتفاعل حياتي لا مع بشر آخرين، بل مع مجتمعاتنا التي على وشك أن تهترئ لعمق النخر فيها..!
هل فعلاً تكمن المشكلة في شرطية المال الدرامي، مما يبقيه في حيز الأمان والربح المضمون… أم أن للأمر أوجه أخرى.. من عجز إبداعي.. وفكري.. ومشكلات رقابية.. وذهنية تحاصرنا حتى في خيالاتنا..؟!
ولكن كل هذا التنميط… الذي تعيشه درامانا، إن تبدلت شرطيته، الحجج والمنطق الذي يعلق عليها شماعة عجزه، ماذا إن تبدل وعي المال الدرامي المسيطر لسبب ما، وأراد الاستغراق أو الالتفات إلى حالات متفردة..؟!
حينها هل سيتمكن أدوات العملية الدرامية من كتّاب وفنانين، من تبديل أدواتهم، والخروج من حالة التنميط الذهني، أو الأدائي.. هل يمكن إعادة الإقلاع مجدداً… ألم يدخلوا في الحالة طويلاً، وقد لا يتمكنون من خلع أرديتهم بسهولة..؟
ما نعيشه واقعياً.. يُنبئ أن تحولاً ما قادم، قد نعيشه قريباً مع بعض رؤوس الأموال الدرامية المسيطرة… كل ما حولنا وحولهم أيضاً، يزج بنا في حراك حياتي مغاير، التسارع الكبير، الذهنية التي باتت تقترب إلى حد كبير من عالم التقنيات وتحاول مقاربتها بشتى الوسائل حتى في مسلسلات درامية عشناها هذا العام عربياً…
سواء أكنا مستعدين، أو لم نستعد.. ستتغير معطيات هذا المال الذي نرتكز عليه، ونصنع له هذا الوصفات المنمطة، ومع كل هذا الانفلات الدرامي نحو الخصوصية المحلية، مع بعض ملامح طبخات درامية مشتركة، تنتقي مخرجاً من هنا وكاتباً من هناك… مع الإصرار على إدخال فنانين سوريين كانت لهم بصمة استثائية في الأعمال المحلية، ولربما استغلوا الزمن الدرامي وكان لفنهم لون وطعم آخر لو أنهم صبروا وتمردوا ولو آنياً على تنميط مالي، ودرامي أصر على اعتبارهم سلعة مؤقتة.. قد ينتهي منها في أي وقت… طالما علب البيع الدرامية تفتح ألوانها على منتجات قد تكون أقل شأناً وجودة لكن يتزايد الطلب عليها في السوق الدرامية…!.