ثورة أون لاين – فؤاد مسعد
الوجه ذو المعالم الباردة، عديم الانفعال حتى في ذروة ثوران البراكين الدفينة، نظرة التحدي وسعيه للإيحاء إلى مُحدثه بحالة عدم المبالاة إلى جانب النظرة النافذة الساخرة، يقابل ذلك كله نظرة ملؤها الخوف قد نلتقطها على غفلة من عينيه في لحظة حرجة.. هي إشارات أولية عن شخصية (معتصم) التي يؤديها الفنان السدير مسعود في مسلسل (مقابلة مع السيد آدم) إخراج فادي سليم.
تحمل الشخصية لغتها ومفرداتها التي التقطها واشتغل انطلاقاً منها بعمق ودراية على أدق التفاصيل، بما في ذلك الشكل الخارجي ونبرة الصوت والحركة والنظرة، حتى تكاد تبدو في لحظات وكأن لمسة من الجنون أو الفصام قد أصابتها فحملت غموضها وكُنهها ومزاجيتها وقدرتها على مواجهة المستجدات والضغوط، هذا ما عبّر عنه وعمل على إيصاله إلى المشاهد، وعلى الرغم من قلة ظهور السدير مسعود ممثلاً على الشاشة إلا أن حضوره يضفي على الدور نكهة خاصة يكرسها من خلال آلية تشبُّعه بالدور ودراسته لأدق تفاصيله، وشخصية (معتصم) التي احتلت مساحة أكبر من الظهور مقارنة مع الأدوار التي سبق وأداها على الشاشة الصغيرة في رمضان الماضي بدت في حلقات القسم الأول من المسلسل وكأنها المحرك الخفي للأحداث، والعين الشريرة المتربصة التي تمتلك القدرة على القتل بدم بارد.
المبدع الحقيقي هو من يرى ما لا يراه غيره في المشهد نفسه أو اللوحة عينها، يلتقطه ويشتغل بثقة ليقدم من روحه عملاً إبداعياً يحمل سمة الاختلاف، هذه الجزئية هي حجر الزاوية التي يعمل على أساسها السدير مسعود، ينطلق منها للتعاطي مع الشخصية التي يقدمها تمثيلاً، كما يرسخ من خلالها رؤيته البصرية فيما يقدم في عالم الإخراج سواء كان على صعيد الفيلم القصير أم الإعلان، وهو ما بدا واضحاً من خلال تجربته الأخيرة في إخراجه إعلاناً من بطولة النجمين (فايز قزق وعبد المنعم عمايري) مكرساً عبر هذه التجارب نظرة مختلفة في التعاطي مع مفهوم الإعلان التلفزيوني ورؤية أنضج حتى على صعيد الإضاءة وحركة الكاميرا وزواياها وإدارة الممثل وإبراز ما يريد من انفعالاته، ولعل البصمة الحقيقية التي يرسخها الفنان تكمن في قدرته على إنجاز عمل يمكن لمن يتابعه أن يعرف صاحبه من اللقطة الأولى، وهنا سر النجاح.