ثورة أون لاين- سلوى الديب:
تسافر بنا الذاكرة إلى أيام خلت، حيث كنا ننتظر كل يوم ثلاثاء حضور البرنامج الإذاعي البوليسي حكم العدالة، ليحكي قصة جديدة من قضايا القصر العدلي في سورية، الذي حقق نجاحاً منقطع النظير من حيث المتابعة وحصوله على العديد من الجوائز عربياً ومحلياً.
وفي التسعينيات توجهت الدراما التلفزيونية السورية لهذا النمط من الأعمال من خلال مسلسل “جريمة في الذاكرة” لممدوح عدوان مأخوذة عن رواية لأغاثا كريستي، حيث شدت المشاهد كتجربة تلفزيونية أولى، ثم أردفها عدوان بمسلسل آخر “اختفاء رجل” مع الحفاظ على الأسلوب الكلاسيكي في الدراما، لتخرج الدراما من هذا الأسلوب في السنوات الأخيرة، وتتسم بالرشاقة والحداثة والديناميكية وطريقة الطرح، لترضي تطلعات المشاهد، فرأينا دراما اجتماعية معاصرة تتمتع بالإثارة بعد المسلسل الواقعي البوليسي “وهم” الذي جذب المشاهد ، ما جعله ينتظر أجزاء منه على الشاشة السورية، ليطل علينا هذا العام مسلسل “مقابلة مع السيد آدم” حاملاً ذات الروح والأسلوب الإخراجي، لتحذو شركة فيونيكس كروب حذو شركة سيريانا في مسلسل وهم، ولكن مع تميز ظهر من خلال وجود الطفلة حياة المصابة بمرض متلازمة داون، ما جعل المشاهد في حالة ترقب لما ستقدمه هذه الطفلة، لنلمس صدق المشاعر في أداء الفنان الكبير غسان مسعود والفنانة المتألقة ضحى الدبس، وتأتي الطفلة حياة بأدائها المتميز لتزجنا كمتلقٍ في تفاصيل الأحداث.
لنعيش أحداث مسلسل يخوض في عالم الجريمة بعيداً عن مسلسلات البيئة الشامية، التي استهلكتها شركات الإنتاج سعياً وراء الربح السريع، فنتابع في المسلسل طرح للجريمة بأسلوب مختلف يتناول قضية الاتجار بالأعضاء البشرية، وسطوة المال في التستر على جريمة قتل شابة مصرية على الأراضي السورية، بعيداً عن الأسلوب المعتاد، لجذب المشاهد، فيتناول الحب والخيانة والخذلان العاطفي، ويروي قصة ضابط شرطة يسعى لمعرفة الحقيقة، متجاوزاً ضغط زوجته المبالغ فيه، بسبب انشغاله بعمله عن منزله وأسرته، ما يعطي جواً من التوتر على حياته المهنية والشخصية، ومن خلال المتابعة نرى وجود أكثر من بطل وعدم حصر البطولة بشخص واحد إنما كان أسلوب التعاطي مميزاً بحيث أننا في كل حلقة نجد أكثر من بطل يشدنا للحدث مع التركيز على النجم غسان مسعود باحترافيته العالية، فهو الطبيب الشرعي”آدم” المنشغل بعمله واهتمامه بابنته المريضة حياة التي تحتاج كل رعاية، ليورطه ضابط الشرطة “ورد” محمد الأحمد بكشف ملابسات جريمة قتل الشابة، ليكون الثمن اختطاف ابنته والتسبب بموتها، ما يحمله على الانتقام من القاتلين ، ضمن تصاعد الأحداث، ولا ننسى رنا شميس المرتدية رداء المحامية الانتهازية قانصة الفرص وصولاً لهدفها الحصول على المال، فلم تمنعها أخلاقها من العمل على خطف أخت زوجها المريضة بمتلازمة داون، للضغط على والد زوجها لتغيير التقرير الطبي …
وأخيراً، هل نحن أمام توجه جديد بالطرح؟ هل نحن بعد عدة سنوات أمام جيل يرفض النمطية والتكرار؟ هل تنحرف البوصلة نحو المسلسلات البوليسية؟ في وقت توجه أطفالنا لبرامج تحمل الكثير من العنف والإثارة والتشويق كالمسلسل البوليسي كونان المحقق الذي يحل القضايا الصعبة.