في ظل حالة التصعيد الأميركي الحاصلة على عدة جبهات، ثمة مفارقات وتناقضات كثيرة توضح أسلوب إدارة ترامب لفرض مشروعها التخريبي والفوضوي، وتشير إلى أي مدى يتم توظيف الأدوات الإقليمية والدولية والمرتزقة لتحقيق هذا المشروع، والأكثر من ذلك تكشف أساليب الكذب والمراوغة، والطرق الملتوية لتحريف الحقائق والوقائع لاستثمارها في بازارات المساومة لتحصيل مكاسب سياسية عجزت عن تحقيقها عبر الإرهاب.
واشنطن اتهمت سورية ومعها عدة دول مثل إيران وكوبا وكوريا الديمقراطية وفنزويلا بعدم التعاون الكامل معها في مكافحة الإرهاب، وهذه من أكثر المفارقات هزلية، لأن أميركا بكل بساطة هي رأس الإرهاب العالمي، ولم تحارب يوماً هذه الآفة الخطيرة، لأنه في هذه الحالة ستحارب نفسها، بينما سورية هي التي تحارب الإرهاب المدعوم أميركياً وغربياً وصهيونياً وتركياً نيابة عن العالم كله، وبشهادة الكثير من دول العالم، أما بقية الدول المذكورة فلا تزال تتصدى بكل حزم للإرهاب الأميركي ومخططات البيت الأبيض الرامية لزعزعة أمنها واستقرارها، وهذه المفارقة ناتجة عن العجز الأميركي الواضح لجهة إخضاع سورية وهذه الدول رغم كل أنواع الإرهاب الذي استخدمته واشنطن وحلفاؤها بحقها.
إدارة ترامب تحاول تجميل صورتها الإرهابية بالحديث عن الحل السياسي في سورية، ولكنها تشحذ سكين عقوباتها لرفع منسوب إرهابها الاقتصادي تحت مسمى قانون “قيصر”، وهذا تناقض يدل على حالة الانحطاط السياسي والأخلاقي لمسؤولي البيت الأبيض، اللاهثين وراء منع سورية من قطف ثمار انتصاراتها العسكرية على الإرهاب، وإبقائها في دائرة الحصار الجائر كأسلوب ضغط وابتزاز عله يمنح الإدارة الأميركية مقعد جلوس على طاولة الحل السياسي، ولكن بقدر ما يعبر هذا الإجراء العدواني عن مدى الغطرسة الأميركية فإنه يحمل في طياته مضامين اليأس والإحباط، وحالة الفشل الملازمة للمشروع الصهيو- أميركي.
أميركا تدعي محاربة داعش، وترهن مدة وجودها الاحتلالي في سورية والمنطقة بالقضاء على التنظيم الإرهابي، ولكن الوقائع تكذب ادعاءاتها الواهية، فهي تحمي إرهابيي التنظيم وتستنسخ منه فصائل متعددة لإطالة أمد احتلالها، وسمعنا اعترافات عدد من الإرهابيين بهذا الخصوص، وبأن كل الاعتداءات التي كانوا ينفذونها ضد المدنيين ومواقع الجيش العربي السوري كانت بأوامر من قوات الاحتلال الأميركي الموجودة في منطقة التنف، وهذه المفارقة ربما تفسر ماهية العربدة التي ترتكبها ميليشيات “قسد” بحق المدنيين والمؤسسات الحكومية في الحسكة، والتي تتم تحت حماية المحتل الأميركي، ولها أهداف وغايات معروفة.
نظام المجرم أردوغان باعتباره أداة أميركية صرفة، يدعي هو الآخر بأنه لا وجود لخروقات يرتكبها إرهابيوه في ادلب سوى بعض الانتهاكات الفردية؟!، وكأن الاعتداءات المتكررة التي يشنها إرهابيو “النصرة” وشركائهم في الإجرام على مواقع الجيش العربي السوري إنطلاقا من النقاط التي تسيطر عليها قواته المحتلة تحمل طابعا مختلفا، ولا تندرج في سياق العدوان الممنهج لتوسيع بؤرة الإرهاب في تلك المنطقة تماشياً مع الأطماع التوسعية التركية، والأوامر الأميركية لإطالة أمد الأزمة، وهذه المفارقة تحاكي بهزليتها رفض الدول الغربية ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية عقد جلسة علنية لمجلس الأمن لمناقشة نشاط وأهداف ومهام ما يسمى “فريق التحقيق وتحديد الهوية” فيما يخص مزاعم استخدام السلاح الكيميائي في اللطامنة خوفاً من تثبيت حالة التزوير والتلاعب المتعمد بتقرير المنظمة، وهذا يدل على الوجه الآخر للحرب الإرهابية التي تقودها أميركا وأتباعها ضد سورية.
وفي ظل كل تلك المفارقات والتناقضات، من غير المستغرب أن تخرج أميركا لتقول بأنها رمز للسلام العالمي، ووقائع التاريخ تؤكد أنها المتزعمة الوحيدة للإرهاب، والسباقة دائماً إلى إشعال الحروب ونشر الفوضى في العالم.
بقلم: أمين التحرير ناصر منذر