ثورة أون لاين – بقلم مدير التحرير معد عيسى:
صمدت الدولة السورية في وجه العقوبات الاقتصادية والحرب الإرهابية، بفضل تنوع الاقتصاد السوري وغنى مواردها وبالمؤسسات العامة بشكل أساسي، ولكن ما وصلنا إليه اليوم من ارتفاع جنوني للأسعار وتدني الدخل، يعود لفشل السياسات الحكومية في إعادة إقلاع الشركات الإنتاجية المتوقفة بسبب الإرهاب والتخريب الممنهج لهذه المؤسسات.
إذا كان من غير الممكن إعادة تأهيل المُتآكل والمُدمّر من المعامل والمنشآت، من خلال الموازنة العامة للدولة، لماذا لا نلجأ لعقود “pot” وتُعطى الفرصة للقطاع الخاص في إعادة تأهيلها واستثمارها، وفقاً لقانون التشاركية الذي عجزت الحكومة عن تفعيله وتطبيقه حتى اليوم رغم إقراره منذ ثلاث سنوات؟
المشكلة لدى القائمين على الشأن العام أنهم يريدون كُلّ شيء وكأنهم في أفضل الظروف، يريدون إعادة تشغيل المنشآت المُدمّرة وتأمين فرص عمل، واستقطاب وتوطين التكنولوجيا، ويريدون تحقيق واردات من دون أن يقدموا شيئاً، فالشروط التي يتم وضعها لاستثمار المعامل المتوقفة والمنشآت المُدمّرة، هي شروط تعجيزية ولا تحمي المستثمر، وتتيح التدخل في كل شيء لتطبيق القانون في مكان وتجاهله في مكان آخر.
البيئة التشريعية لا تحمي المستثمر ولا تصون الحق، وقد كرست السنوات الأخيرة حالة من فقدان الثقة في التعاطي الحكومي مع القطاع الخاص في ملفات كثيرة كملف القروض المتعثرة، والسحب من المصارف، وأسعار الصرف، والجامعات الخاصة، و معالجة ملفات الفساد وغير ذلك من الأمور، وهذا كان سبباً رئيسياً في عدم عودة المستثمرين من دول الجوار، وكذلك في خروج مستثمرين وتهريب الأموال إلى خارج سورية.
القطاع الخاص ليس ملاكاً ولديه من التجاوزات الكثير، ولكن لو أن هناك بيئة تشريعية واضحة تصون الحقوق أياً كان الطرف لكان الوضع مختلف، بالإنتاج ودخل الفرد وتوفر فرص العمل.
هل ترك المعامل مدمرة ومتوقفة عن العمل أفضل من إعطائها للقطاع الخاص لتشغيلها لعدد من السنوات بضوابط وقوانين واضحة و لو حتى من دون أي إيراد للخزينة؟ طالما أنها توفر سلعاً ومنتجات وفرص عمل للمواطنين بما يخفف الضغط عن الحكومة ويخفض الأسعار ويُحسن من معيشة المواطن ويقوي من اقتصاد البلد.
التشاركية لا تقلل من حضور الدولة، بل تؤسس لبناء منشآت متطورة ستعود ملكيتها للدولة بعد سنوات محددة، انطلاقاً من حاجة الدولة، وفي إطار إعادة تقسيم المهام داخل الدولة.