أسعار كاوية وجنونية وغير مسبوقة بتاريخ سورية الحديث، وسعر سيئ الصيت عالٍ، والذهب بأرقام قياسية عبارات ترد على لسان الناس، خاصة بالأشهر الأخيرة جراء ما تشهده أسواق البلد من تسونامي، أسعار بات يشتكي منها الجميع تترافق غالباً بحالة من الإحباط والاستهجان لذلك الصمت المقيت من الجهات المعنية تجاه ما يحصل، وحق المواطن بمعرفة أسباب كل ما تقدم.
نعم عاماً بعد آخر يُترك المواطن وحيداً في مواجهة أزمات يعرف الجميع قدرة مفتعليها على تحديد وقتها، سواء في سوق الصرف أم سوق المواد والمنتجات، وفي كل مرة رغم تكرارهم لسيناريو التلاعب يتمكنون للأسف من تحقيق ما خططوا له، ويقع أصحاب القرار في الحفرة نفسها من دون التعلم من التجارب السابقة، ليزيد كل ذلك من مسافة التباعد بين الجهات المعنية والناس، ويضع إسفيناً آخر في جدار تصدع الثقة بين الطرفين الذي تتحمل الجهات المعنية مسؤوليته لعدم تمكنها، رغم توجيهات القيادة السياسية بضرورة اعتماد المكاشفة والشفافية في التعامل مع ملفات الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، لأنها السبيل الأنجح والأقدر على كسب تكاتف الناس معهم، مع كل ما يتحملونه من معاناة للتصدي لأعداء بلدنا في الخارج ولأدواتهم الرخيصة المساندة في الداخل وبشكل خاص من يستغلون وضع البلد.
وما زاد من الطين بلة كما يقال حالة التناقض وضياع البوصلة من قبل بعض أصحاب القرار تجاه ما يعلن في قاعات اجتماعاتهم من دعم مفتوح لقطاع الزراعة والصناعة، وهما القطاعان الأهم في الاقتصاد السوري، ومن بين القرارات المتخذة والمنفذة على الأرض، وهذا ما أدخل الفلاح في دوامة وضياع سندعمك، ومع ذلك ترفع أسعار الأسمدة والأعلاف ويفتح باب الاستيراد لبعض المنتجات في عز موسم طرحها محلياً، أضرار تطال المحاصيل الزراعية لا يقبض عنها المزارعون إلا الوعود ونفس الوضع يساق على الصناعة التي ننادي بعودة إنتاجها ونضع بالمقابل العصي في عجلتها، وكذلك حال الاقتصاد حيث أطلق برنامج إحلال بدائل المستوردات لتخفيف فاتورة الاستيراد، والجميع ينتظر تصنيع المنتجات البديلة محلياً، وغيرها العديد من القرارات غير المدروسة والمتسرعة وأكبر دليل على ذلك التراجع عن بعضها بعد فترة من صدورها لتفاقم تداعياتها السلبية وموضوع الأسمدة حاضر.
إن ما نعيشه من ظروف استثنائية يستدعي قرارات استثنائية وغير مسبوقة، فالوقت والتجريب لا مكان لهما في هذه المرحلة، لذلك وعلى أهمية توارد الأخبار في الأيام الأخيرة عن حالات إغلاق بالشمع الأحمر لمستودعات ومحال تجار ورجال أعمال كبار، والكلام على أن القانون سيطبق بحزم على الجميع، فإن الاستمرار بالحملة وبالتالي انعكاس نتائجها تحسناً واضحاً على الأسواق ومعيشة الناس، يبقى هو الأهم.
الكنز – هناء ديب