لعل جائحة “كورونا” التي شدت الانتباه الى معاناة كبار السن مع الأمراض وعوارض الشيخوخة تدفعنا على المستوى المحلي الى اعادة النظر في نظام التأمين الصحي الذي ينحي الموظف عند إحالته على التقاعد خارج مظلة التأمين ويحرمه من الانتفاع بمزاياه؛ بعد أن أفنى عمره في خدمة المؤسسة التي عمل بها، وفي وقت هو أشد ما يكون في حاجة إلى التداوي والرعاية الطبية.
ورغم أن معاناة المتقاعدين يدركها القائمون على قطاع التأمين، يستمر حال المتقاعد على ما هو عليه؛ مع العلم بأن تشميل فئات جديدة تحت مظلة التأمين بسعر منخفض يتناسب مع ضعف الرواتب والأجور التي يتقاضاها العمال والموظفون يخضع لـ(قانون الأعداد الكبيرة)، بمعنى أن زيادة أعداد المشملين يمكّن مؤسسة التأمين من تأسيس قاعدة تمويلية مستدامة لصندوقها تجعلها قادرة على تغطية الاحتياجات الطبية للفئات الجديدة المنضوية تحت عباءة التأمين، وهو أمر قابل للتطبيق على أرض الواقع بالنظر إلى وجود أعداد كبيرة من المتقاعدين.
بعض المعنيين بشأن التأمين تحدث عن وجود عقبة تواجه توسيع قاعدة المشملين بالرعاية الطبية لتضم فئة المتقاعدين؛ وهي ما أظهرته قاعدة البيانات الموجودة لدى المؤسسة من وجود خلل كبير لناحية استخدام كميات من الأدوية أكثر من اللازم وخصوصاً الأدوية المزمنة منها.
وتجدر الإشارة هنا إلى دور بعض الأطباء في تعزيز هذا السلوك الخاطئ في المجتمع من خلال اعتماد العلاج بالأدوية ليصبح تناولها حالة مستدامة مزمنة لدى الفرد في حين يمكن الاستعاضة عنها بالحميات الغذائية أو التمارين الرياضية، بالإضافة إلى ضعف الثقافة الصحية لدى المواطنين بالمخاطر التي قد تنجم عن التناول المفرط للدواء من دون وصفات طبية في أحيان كثيرة، وهو ما يعد مسؤولية مشتركة ينبغي أن تضطلع بها وزارة الصحة مع كافة الجهات الأخرى المعنية من خلال تنظيم حملات وبرامج توعية تبين المخاطر الكبيرة الناجمة عن هذا السلوك وتحمي المجتمع من عواقبها، وصولاً إلى المجتمع الصحي المنشود، وتسهم من جهة أخرى في إزاحة العراقيل التي تحول دون تشميل أعداد جديدة من المواطنين تحت مظلة التأمين وهم في أشد الحاجة إليها.
حديث الناس – هنادة سمير