في زحمة الأحداث والتطورات التي يعيشها عالم اليوم تظهر الولايات المتحدة الأميركية خارجة على القانون الدولي في تعاطيها مع شعوب العالم قاطبة بمنطق العقوبات والفرض والهيمنة والغطرسة، وكذلك في تعاطيها مع شعبها بمنطق القمع والعنف والعنصرية والإلغاء، حيث كشفت التطورات المتعلقة بجريمة مينيابوليس العنصرية عن وجه أميركي بشع لطالما حاولت الإدارات الأميركية المتلاحقة إخفاءه تحت وابل من الشعارات الإنسانية التي سقطت دفعة واحدة خلال أيام قليلة.
فحسابات الساسة الأميركيين لا تشبه حسابات الشعب الأميركي الذي بدا غاضباً محتقناً حاملاً وجع سنوات طويلة من تجاهل حرياته وحقوقه والمس بكرامته، حيث يتم نسفها مع كل اختبار داخلي، فشريعة الغاب التي تمارسها الإدارة الأميركية لا تقتصر على الشعوب الأخرى سواء كانت معادية أو حليفة لواشنطن، بل تطال الأميركيين على اختلاف ألوانهم ومشاربهم والإنسان في أميركا يعامل حسب لونه أو دينه أو انتمائه السياسي، وما مشاركة معظم الأميركيين في الاحتجاجات المستمرة منذ نحو أسبوعين سوى دليل قاطع على أن الأميركيين ضاقوا ذرعاً بهذه السياسة المستعدة لحرق الكرة الأرضية طالما يخدم ذلك أطماعها الاستعمارية ورغباتها العنصرية المكبوتة.
كما أن امتداد الاحتجاجات على الجريمة الأميركية العنصرية واتساعها خارج الولايات المتحدة يثبت أن العالم موحد في العداء للسلوك الأميركي ورفض شريعة الغاب التي تنتهجها إدارة ترامب، وهذا ما ينبغي استثماره أممياً للحد من شرور واشنطن حول العالم، ورسم معالم سياسة دولية جديدة خالية من الهيمنة والتسلط والعدوان تقوم على العدل وتتساوى فيها شعوب ودول العالم وفق ما جاء في ميثاق الأمم المتحدة.
ولا شك بأن العالم بات بأجمعه أمام حقيقة واحدة لا لبس فيها، وهي أن واشنطن وكل من يتحالف معها من قوى الشر والعدوان كالكيان الصهيوني هي الفايروس الحقيقي الذي يهدد سلام واستقرار وأمن البشرية، وليس فايروس كورونا الذي يمكن السيطرة عليه من خلال إجراءات صحية جادة وتعاون دولي حقيقي، وقد لا يتأخر الوقت حتى تتكشف حقيقة أن كل المصائب التي تحدث في هذا العالم هي صناعة أميركية بامتياز.
نافذة على حدث – عبد الحليم سعود