تصعيد الإرهاب ضد سورية ينتقل من مرحلة إلى أخرى، تختبر خلالها الولايات المتحدة مدى قدرتها على اختراق جدار الصد السوري، وهي فشلت بكل مراحل العدوان السابقة، من تجنيدها لمئات آلاف الإرهابيين عبر وكلاء مستعربين وإقليميين، وزجهم في معارك خاسرة مع الجيش العربي السوري على امتداد الجغرافية السورية، مرورا بعدوانها العسكري المباشر واحتلالها لأجزاء من الأرض، وصولاً إلى تشكيل تنظيمات وميليشيات إرهابية تدعمها على الأرض، عدا محاربتها لكل الحلول السياسية، وهزائمها تلك خلخلت هيبتها باعتبارها دولة عظمى وتمتلك فائض قوة غاشمة، وهذا يدفعها إلى حافة الجنون اليوم، وتفريغ كل أحقادها وسمومها علها ترد الاعتبار لهيبتها المتآكلة.
ما يسمى “قانون قيصر”، المبني على سياسة البلطجة والعربدة، يشكل ذروة التصعيد الإرهابي الأميركي، ولم تألفه أي ساحة دولية بهذه القسوة العدائية من قبل، وهو يعني عدواناً أميركياً مباشراً ضد الشعب السوري، تختبر خلاله واشنطن آخر أوراقها الإرهابية، وإقرار هذا السلوك العدواني” قيصر” أجمع عليه كل من الحزبين الجمهوري الديمقراطي، ما يعني أنه فعل انتقام من قبل إدارتين أميركيتين متتاليتين” أوباما وترامب”، وكلتاهما فشلت بتحقيق أهداف هذه الحرب الإرهابية، ولم تستطيعا تمرير ولو مخططاً واحداً يستهدف المنطقة عبر البوابة السورية، فكل المخططات والمشاريع الأميركية، وفي مقدمتها “صفقة القرن” ما زالت قيد التجريب، وتواجه الفشل ذاته، بفعل قوة الصمود والإرادة السورية الصلبة.
العقوبات الأميركية الجائرة، والتي تشارك بفرضها الدول الأوروبية الخارجة عن كل القيم والمبادئ الإنسانية، لا يمكن وضعها إلا في سياق الحرب الإرهابية المتواصلة، بعدما عجزت منظومة العدوان بكل أركانها الغربية والإقليمية والمستعربة عن تحييد الدور السوري عن القضايا المصيرية للمنطقة برمتها، وفشلها بكسر الحلقة الذهبية في محور المقاومة، والعالم بات يعرف اليوم مدى تعاظم قدرات هذا المحور، ومدى تأثيره بمجريات الأحداث الدولية، وما يشكله من قوة رادعة تواجه كل المشاريع الصهيو-أميركية الهادفة لتغيير وجه المنطقة، وربما العالم وفق الرؤية والأطماع الأميركية، وكل ذلك بفضل الانتصارات التي يحققها الجيش العربي السوري ضد الإرهاب وداعميه، وفرضه معادلات قوة فاعلة وضاربة، أكثر ما يخشاها هو العدو الصهيوني، المخطط والداعم الأكبر لهذه الحرب العدوانية الغاشمة.
إمعان أميركا بإرهابها الاقتصادي والعسكري والسياسي والنفسي، وتسخير كل إمكانياتها للنيل من صمود سورية وشعبها، يشير إلى حقيقة أن واشنطن لا تريد الاعتراف بفشل مشروعها وهزيمة مخططاتها، وأن كل هذا الإرهاب المتصاعد هو محاولة للانتقام والثأر، وهو أداة قذرة لتدمير كل منجزات السوريين التي حققوها على مدى سنوات نضالهم خلال العقود الماضية، وهذا بحد ذاته يشير أيضاً إلى مدى قوة وصلابة سورية، رغم أنها ليست دولة عظمى، وإنما هي عظيمة بتاريخها وحضارتها وشعبها وإرادتها الحرة ومقاومتها المتأصلة.
البقعة الساخنة – بقلم أمين التحرير ناصر منذر