أزمة العالم الراهنة.. تؤهله للذهاب متداعياً إلى الحرب.
يذكر التاريخ: أن الحروب ولاسيما الحربان العالميتان الأولى والثانية، كانت الخيار الذي قادت إليه أزمات العالم، أو بالأحرى أزمات الرأسمالية العالمية.
اليوم يطرح العالم أزمته بشكل صارخ مستفيداً في صراخه – ولا ريب – من شدة الوجع أولاً ومن تعاظم الاتصالات وسهولة تبادل المعلومات وتوزيعها ومعها الرأي وكل ما يرغب به القائل .. ولا شك أننا بدورنا أفدنا من التواصل والاتصالات والنشر الإعلامي لنتحسس مدى آلام العالم ومعاناة البشرية.
لعل انتشار وباء كورونا قد أضاف وسائل إيضاح صارخة على هزالة الواقع العالمي من خلال فشل المجتمع الرأسمالي وعلى وجه التحديد والتخصيص منه الأميركي في مواجهة هذا الوباء الذي ما زال يهدد العالم.
اليوم ولم يطو الوباء بعد بساطه وراياته.. أظهرت القيادات والمجتمعات الرأسمالية نار العنصرية التي لم تكن أبداً مختبئة تحت الرماد .. بل هي العيون التي أصيبت بالرمد. وها نحن نكتشف هشاشة الواقع العالمي والطبيعة الكرتونية للنمر الرأسمالي الذي أذهل الكثيرين.
هذا الوضع المتهتك للحالة العالمية والاحتقان الدولي المتمثل بالحروب التجارية والعقوبات الاقتصادية. وأزمة الرأسمالية المتمثلة بواقع الصراع على الطاقة والفشل في إدارتها .. كل ذلك وغيره من الطبيعي أن ينداح بالعالم إلى الحروب .. فهل ما زلنا.. ما زال العالم .. بعيدين عن الحرب..!؟ .. لا.. بل نحن فيها والحرب قائمة..!!
مجموعة الحروب القائمة في العالم اليوم والحروب التي يلوح براياتها .. هي الشكل الجديد للحروب العالمية .. حروب تتم في بلدان الدول الفقيرة ومجتمعاتها .. فقيرة حتى ولو ملكت أموالاً طائلة ولاسيما من تجارة النفط .. الدول القوية هي تقود المعارك من عواصمها مهما كانت ضعيفة.. أما أرض المعارك فهي في دول ما عرف يوماً بالعالم الثالث. حروب تخوضها هذه الدول ضد بعضها وهذه الشعوب على بعضها.
لاحظ اليوم مثلاً الصراع على ليبيا.. كل الدنيا تعلم أنه صراع يمثل مصالح قوى عظمى ليست من مناطقنا .. لكن يقاتل فيه الشعب الليبي ومرتزقة آخرون من شعوب المنطقة وتركيا .. هذه هي صورة واضحة لحروب العالم الحديثة .. أو لاحظ مثلاً الحرب على اليمن ..مصلحة من تتمثل بها ..؟! ومن يقاتل ويموت فيها ..؟! وبلاد من تتخرب .. ؟! في سورية أيضاً وفي غيرها .. هذه هي الحرب العالمية الحديثة .. وبالتالي لا تأخذ اسم الثالثة .. لأنها لا تمشي وفق التقنيات والاساليب الحربية ذاتها والأهم فيها أن لا قوات ولا قتلى للغرب الاستعماري فيها وهو الذي يحركها وتتمثل مصالحه وحده فيها .. هي الحرب العالمية دون أن تحمل رقماً متسلسلاً.
الحرب قائمة وهي من دون شك تؤجل ولا تمنع كلياً .. حرباً كارثية تشارك فيها الدول القوية مباشرة..
معا على الطريق-أسعد عبود