بالتزامن مع موجات الغلاء المتلاحقة التي نغصت معيشة المواطنيين، تأتي قصة اختفاء بعض أصناف الدواء لتزيد من المعاناة، بعد أن دخل المستغلون والمتاجرون على خط الاستثمار بصحة المواطنيين وسلامتهم..
فالمواطن قد يحتاج لعدة ساعات للقيام بجولة (مكوكية) على معظم الصيدليات المحيطة والبعيدة، إلا أنه غالباً ما يعود بخفي حنين، خاصة بالنسبة لبعض أدوية القلب والأمراض المزمنة، والأدوية التي يحتاجها مرضى الكلى وغيرها من الأمراض..
الغريب في الأمر أنه وبينما يواجه المواطن هذه الحالة، يخرج علينا من يتحدث عن الصناعات الدوائية في سورية ومدى تطورها وقدرتها على تلبية احتياجات الأسواق المحلية والتصدير للخارج، ما جعل المواطن يقرأ تلك التصريحات على أنها محاولة لتبرير ما يحصل في سوق الدواء أو ربما التغطية ومحاولة لنفي حالة نقص الدواء في الصيدليات!
ويؤكد عشرات الصيادلة أن معظم الأدوية غير المتوفرة، مضى على غيابها عدة أسابيع بسبب توقف الشركات المنتجة عن توريدها إلى الأسواق، ما أتاح الفرصة لمنتجات دوائية لعلها أقل جودة وفاعلية لتحضر بقوة في الصيدليات على أنها أدوية بديلة..
وتتعدد الروايات حول اختفاء بعض الأدوية وعدم توفرها في الصيدليات، إلا أن الجميع يعزو ذلك للتغيرات الحادة التي أصابت سعر الصرف، وأطاحت بكل دراسات الجدوى الاقتصادية لمعامل الأدوية، ما دفع إلى توقفها، فيما يذهب البعض للحديث عن أسباب تتعلق بتمسك بعض أصحاب معامل الأدوية بنسب ربح ثابتة وعدم تنازلهم عنها رغم كل الظروف التي تمر بها البلاد..
وبالنهاية يبقى المريض هو الخاسر الوحيد في معادلات الربح وحسابات تجار ومصنعي الأدوية، ولا يجد من يشعر بآلامه التي حولها البعض إلى سلعة للاستثمار والمضاربة، من دون أي شعور يلامس أحاسيس أولئك المنتجين وتجار الأدوية بالمسؤولية الاجتماعية والإنسانية تجاه أبناء بلدهم خاصة الشريحة الأضعف دخلاً، والتي تدفع اليوم لوحدها ثمن الغش والاستغلال وفلتان الأسعار وعدم القدرة على ضبط المحتكرين في أسواق الغذاء والدواء..!!
حديث الناس- محمود ديبو