تصادف اليوم الذكرى الرابعة عشرة لعملية “الوعد الصادق” التي أنجزها أبطال المقاومة اللبنانية على الحدود مع فلسطين المحتلة، استجابة لوعد قطعه أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله بتحرير الأسرى من السجون الإسرائيلية، وهي العملية التي حققت كل أهدافها فيما بعد بتحرير أكبر عدد من الأسرى والمعتقلين العرب من سجون الاحتلال مقابل تسليم جثتين لجنديين إسرائيليين قتلا أثناء تنفيذ العملية.
لقد شكلت عملية “الوعد الصادق” وما تلاها من انتصارات للمقاومة اللبنانية في حرب تموز انتكاسة قوية لعنجهية العدو وغطرسته، كما وجهت صفعة مدوية لقادته الإرهابيين الذين اندفعوا إلى حرب عدوانية تدميرية إجرامية كانوا قد خططوا لها ضد لبنان ومقاومته من أجل سحقها بذريعة العملية، ولكن النتائج التي خلص إليها تقرير “فينوغراد” ومحاولاتهم “استخلاص العبر” الإسرائيلية أكدت بما لا يرقى إليه الشك أن الكيان الصهيوني خسر الحرب وفقد قوة الردع التي كان يزعمها، في حين أثبتت المقاومة أنها أقوى وأصلب من أن ينال منها الكيان الصهيوني مهما بلغت درجة تفوقه العسكري وحجم الدعم الذي يتلقاه من قوى الشر والعدوان، لأنها في الأساس نتاج عزيمة جبارة وإرادة فولاذية لشعب شجاع لا يلين ولا ينكسر مهما اشتدت المحن.
اليوم يستعيد شرفاء الأمة ومقاوموها ذكرى “الوعد الصادق” بكل الفخر والاعتزاز وهم يرون الإنجازات والانتصارات التي حققها محور المقاومة ضد خصومه خلال السنوات الماضية في كل الإقليم وخاصة في سورية، بالرغم من كل محاولات العدو وداعميه المتكررة تغيير معادلات الصراع وبث روح الضعف والهزيمة في شعبنا، وما لجوء واشنطن وحلفائها إلى الحروب الاقتصادية وسياسة الحصار ضد أبناء هذا المحور سوى تأكيد على عجز إرهابهم وحروبهم العسكرية عن ليّ ذراع المقاومين وجرّهم إلى مستنقع التخلي والاستسلام والتطبيع الذي سلكه بعض ضعفاء الأمة من المستسلمين لسياسة الأمر الواقع.
رغم مضي سنوات طويلة وأحداث جسام على تلك العملية البطولية، ما زال الكيان الصهيوني يعيش مخاوفه القديمة من تعاظم دور المقاومة واتساع مساحة حضورها في المنطقة، فالمواجهة التي كانت محصورة في الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة باتت اليوم أكبر وأوسع، وما الاتفاقية العسكرية التي وقعتها سورية وإيران سوى تجسيد حقيقي لتعاظم دور محور المقاومة وانتقاله إلى مرحلة جديدة من المواجهة عنوانها قطع الذراع العسكرية الطويلة للكيان المحتل وإرغامه على التفكير ملياً واستخلاص العبر قبل الانزلاق نحو الحرب والعدوان.
نافذة على حدث – عبد الحليم سعود