ثورة أون لاين – زينب العيسى:
سورية التاريخ، سورية الحضارة التي انبثقت من تاريخها نساء حكمن العصور فكن أيقونات على صدر الزمن.. المرأة السورية أم الشهداء، أم الجرحى، وأم الأبطال الذين قدموا أرواحهم دفاعاً عن الوطن، إضافة إلى وقوفهن جنباً إلى جنب مع رجال الجيش العربي السوري في أرض الميدان، وفي كافة ميادين الحياة العامة التي تركت فيها هذه المرأة بصماتها بجدارة.
تمكنت المرأة السورية عبر التاريخ وحتى يومنا هذا من إثبات وجودها في كافة ميادين الحياة حيث ساهمت في الحياة السياسية والاجتماعية والأدبية والثقافية بشكل فعال، فولد هذا النشاط أسماء لامعة لأديبات وشاعرات ومربيات وطبيبات وعاملات، ومحاميات ومهندسات، واستطاعت أن تترك علامة فارقة في أي مكان وجدت به، فاستلمت حقائب وزارية وتبوأت مناصب مهمة وحساسة، وكذلك كان لها وجودها الفعال تحديداً في البرلمان السوري، فشكل وجود التمثيل النسائي في مجلس الشعب الكثير من الإيجابيات، من خلال تمكين دور المرأة وحضورها الفعال في المجتمع.
كما أن مشاركة المرأة في المجلس يمكِّنها من التعبير عن قضاياها وطرح مشكلاتها ومراجعة التشريعات التي تتناول هذه القضايا وبما يساعد في تأمين المساواة وتكافؤ الفرص والعدالة للنساء والرجال على حد سواء، وتطوير القوانين والتشريعات التي تعالج أوضاعها على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي.
مُنحت المرأة السورية حق الانتخاب عام 1949 شرط أن تكون متزوجة ومتعلمة، غير أنها لم تمنح حينها حق الترشح، إلى أن جاء دستور 1950 ومنح جميع النساء حق الانتخاب أسوة بالرجال.
إلا أن دستور 1953 كان أول دستور سوري منح المرأة ليس فقط حق الانتخاب، بل حق الترشيح للمجالس التشريعية أيضاً مثلها مثل الرجل، ولكن بالرغم من ذلك، لم تتقدم للترشيح أي امرأة في ذلك الحين.
وكان أول دخول إلى قبة مجلس الشعب بعد انتخابات 1973 حين دخلت 5 نساء إليه من أصل 186 واستقرّ تمثيل المرأة على قوائم الجبهة الوطنية التقدمية بنحو 12% من مجموع المقاعد، أي حوالي 30 مقعداً من أصل 250 حتى الوقت الحالي.
إلا أن أول وصول للمرأة لأحد البرلمانات في سورية كان في حقبة الوحدة بين سورية ومصر (1958 إلى 1961) حيث ضم برلمان الوحدة المعروف باسم (مجلس الأمة) والمكون بمجموعه من 600 عضو، 200 منهم من سورية و400 عضو من الإقليم الجنوبي مصر.
ولأول مرة في تاريخ سورية تدخل المرأة في عضوية المجالس التشريعية، إذ كان في عداد ممثلي القطر السوري سيدتان هما جيهان الموصلي ووداد هارون.
حدث الانفصال بتاريخ 28/9/1961. وحصل تراجع بالنسبة لبعض الحقوق السياسية للمرأة.. فاحتفظت بموجب الدستور المؤقت المشار إليه بحق الانتخاب من دون حق الترشيح وجرى في هذه المرحلة تعديل سن المرشح للنيابة فأصبح 30 عاماً ولكن جرى حصره بالذكور فقط.
أما الدستور المؤقت لثورة 8 آذار 1963 الصادر في عام 1964 فقد غير الإطار الدستوري لتعريف الدولة فنصت المادة الأولى منه بأن “القطر السوري هو جمهورية ديمقراطية شعبية اشتراكية ذات سيادة وهي جزء من الأمة العربية”.
وتم فيما بعد تعيين أعضاء هذا المجلس على دفعتين، التشكيلة الأولى جرت في عام 1965 حيث عقد (المجلس الوطني للثورة) بتاريخ 1/9/1965 وهو البرلمان الذي كان مؤلفاً من 95 عضواً بينهم 8 سيدات. أما التشكيلة الثانية فكانت بتاريخ 15/2/1966 عبر توسيع المجلس السابق وإضافة أعضاء جدد من الذكور والإناث بما جعل عدد أعضاء المجلس يبلغ 134 عضواً بينهم 12 سيدة بعد إضافة أربع سيدات للعضوات السابقات ويبدو أن هذا المجلس الأخير لم يتمكن من عقد أي جلسة له نتيجة لبعض الاختلافات آنذاك.
إلا أنه بعد الحركة التصحيحية ضم مجلس الشعب في دورته الأولى (1971-1973) 4 نساء بنسبة 2,89%. حيث أقر دستور عام 1973 بدءاً من عام 1973 وتتالت على مجلس الشعب 8 أدوار تشريعية.
وبعد السبعينيات تمكنت إنعام عباس من الدخول للمجلس كأول امرأة مستقلة في دوره التشريعي السابع عام ١٩٩٨، وفي ٢٠٠٣ أصبحت أمينة سر.
وفي عام ٢٠١٦ انتخب مجلس الشعب في أول جلسة له امرأة لتكون رئيسةً للمجلس وتصبح أول امرأة تترأسه في تاريخ سورية.
واليوم ١٩ تموز ٢٠٢٠ فإن إجراء الانتخابات التشريعية في خضم هذه الظروف التي تتعرض لها سورية مؤشر قوي على صمود سورية دولة ومجتمعاً، ودليل على استمرارية الدولة في تعزيز قوة مؤسساتها وحضورها.