لاتزال شخصياتهم تعيش في ذاكرتنا نحاول أن نستحضرها بين الحين والآخر، شخصيات كانت تنطق تحت عنوان خيال الظل تارة، ومسرح العرائس تارة أخرى، نحاول تقليدها ونتمثل سلوكاتها القيمية على اعتقاد بأن من يقلدها في سلوكها فهو الأقرب إلى الكمال.
هذا التأثير الكبير الذي ترسخ ولايزال في أعماقنا يجعلنا نقف مطولاً أمام أهمية أن نضيء العالم بمسارح للأطفال تكون ملاذهم للتعلم والترفيه وارتقاء الذائقة في الآن نفسه، ولكن مايحدث في الواقع بعيد إلى حد كبير عما نطمح إليه في إيجاد مسرح للطفل يحاكي أفكاره وأحلامه ويواكب تطلعاته في زمن بات كل شيء يدخل في قائمة الاستهلاك اليومي” وسائل التواصل الاجتماعي، مواقع الانترنت والفضاءات المفتوحة دون رقيب أو حسيب ..” في ظل غياب أماكن التسلية والترفيه الآمنة .
واليوم إذ نشهد بين الحين والآخر عرض بعض المسرحيات للأطفال نثمن عالياً تلك الجهود التي تحاول أن تكرس لهذا الفن، والإيمان بأن المسرح بما يحمله من مقومات” النص، والديكور ..” والعرض المباشر، والتفاعل الذي يعبّر الطفل من خلاله عن موقفه تجاه أبطال العرض.. يستطيع هذا الفن إثارة مشاعر جمهور الأطفال ويوقظ في داخلهم الإحساس بالقيم الجمالية ويكرس لديهم الكثير من المنظومة الأخلاقية والقيمية والسلوكية.
علينا أن ، ندرك أهميته في بناء شخصية الطفل وتنمية قدراته العقلية وغرس العادات والسلوكيات الإيجابية وإعداده ليكون فاعلاً في مجتمعه، وهذا بالطبع يتطلب جهوداً كبيرة تتضافر فيها المؤسسات الثقافية بدءاً من المدرسة وتفعيل المسرح المدرسي وليس انتهاء بدور الكتاب والمخرجين ومن يقع على عاتقهم انتشال الطفل من براثن ذاك التشويه الذي يغزو عقله عبر تقنيات السموات الفضائية المفتوحة دون رقيب أو حسيب.
جهود كثيرة تبذل من أجل النهوض بواقع مسرح الطفل، ولكن مازلنا نفتقد للكثير من مقوماته وخصوصاً على صعيد الدعم المادي والفني والتقني، رغم أن الحاجة باتت ملحة لخلق مسرح يليق بطفلنا ويرسم له عالماً أكثر إشراقاً .
رؤية – فاتن أحمد دعبول