سرعان ما يلجأ الراقصون على كرامتهم من أعداء المقاومة عندما يذكر الانتصار في حرب الـ 33 يوماً في تموز 2006 والذي بدأ فيه تاريخ جديد غيَّر وجه المنطقة بل والعالم .. سرعان ما يلجأ هؤلاء إلى كلمة قالها سيد المقاومة: “لو كنت أعلم أن هذا سيحدث لما وافقت على عملية أسر الجنود الصهاينة في خلة وردة”، ويريدون بهذا أن ينفوا عن المقاومة نصرها المؤزر، باعتبار أن حساب الربح والخسارة عندهم يقاس بحجم الدمار الهائل في لبنان وخصوصاً في الجنوب والضاحية، مع أن الكيان العبري وأصدقاؤه أقروا بهزيمتهم التي أنهت مقولة “الجيش الذي لا يقهر” وفهم العالم أن “إسرائيل” لن تكون في أي حال “إسرائيل” ذاتها بعد هذه الحرب المفصلية، وأن زمن الهزائم قد ولى ليبدأ زمن الانتصارات، ومنذ وقف العمليات العسكرية – وليس الحرب – و”إسرائيل” وأسيادها يعيشون هاجس الزوال النهائي، ولا نبالغ إذا قلنا أن العديد من الصهاينة بدؤوا منذ ذلك الوقت بتجهيز حقائبهم للعودة من حيث أتوا بعد أن أدركوا أن صواريخ المقاومة ستصل إلى ما بعد بعد حيفا وتتجاوز تل أبيب إلى النقب حيث مفاعل “ديمونة”.
إذن فإن من حق محور المقاومة المنتصر أن يكتب التاريخ، وأن يعيد توضيح مقولة سيد المقاومة، بأن الأسر سرَّع في عدوان تموز الذي كان الكيان الغاصب يتجهز لشنه في تاريخ لاحق عندما تكتمل استعداداته، وأن عملية الأسر هذه كانت لصالح المقاومة لأن “إسرائيل” اضطرت للرد على الأسر قبل أن تصبح جاهزة.
وهنا لا بد من الوقوف عند بعض التفاصيل المهمة التي غيرت مسار التاريخ، ومنها أن وفداً لبنانياً رسمياً كان في واشنطن يرجو جون بولتون أن يوقف الحرب التي دمرت لبنان، لكن بولتون قال للوفد: إذا كنتم تريدون الحديث عن وقف الحرب فلا وقت لدينا لذلك، لكن نفس الرجل سارع للاتصال بالوفد اللبناني بعد 33 يوماً من العدوان و بعد مجزرة “الميركاڤا” في وادي الحجير وسهل الخيام، وبعد إسقاط طائرة اسرائيلية كانت إسرائيل تعتقد أن المقاومة لا تملك مضادات أرض جو، هنا سارع بولتون هذه المرة وطلب من الوفد اللبناني أن توقف المقاومة الحرب، بعد أن أسقط في يده وفهم أن إسرائيل قد هزمت.
هكذا أضاف حزب الله سفراً جديداً في سجل انتصاراته هو “سفر” تموز .. 2006، لن ينساه الصهاينة الذين كتبوا لأنفسهم عهدهم مع ربهم عقد إذعان كتبه حاخاماتهم وهو التلمود الذي كيفوه حسب أطماعهم ليبقوا كما يعتقدون شعب الله المختار.
إن الباحثين في حرب تموز 2006 والنصر الذي صنعته المقاومة يجدون أنفسهم وبعد 14 عاماً أمام حدث تاريخي يتمادى في مفاعيله في الزمن ويستمرّ بإنتاج التداعيات على أكثر من صعيد بعد أن خسرت أميركا مشروعها، وطوت ملف استراتيجية القوة الصلبة وطارحلمها بحسم الوضع في الشرق الأوسط بعد هزيمتها مع أعوانها وعربانها في سورية، وليس ما يحصل في لبنان وسورية وإيران والعراق واليمن من تراجع أميركي مع ما يرافق ذلك من صمود في محور الممانعة إلا في إطار تداعيات حرب تموز.
وإن غداً لناظره قريب
معاً على الطريق – د. عبد الحميد دشتي