ارتفاع أسعار المستلزمات الأساسية للحياة اليومية وموجة الغلاء الفاحش أفقدت الكثير من الأسر والعائلات طعم العيد، فمشهد الازدحام بالأسواق لم يكن كما هو معتاد في السابق، وحركة الإقبال على الشراء والتسوق كانت ضعيفة جداً، فالأسعار كاوية وهي تفوق قدرة المواطنين الشرائية عشرات الأضعاف، ناهيك عن الأعباء الاقتصادية الإضافية التي فرضها وباء كورونا، والحاجة الماسة لشراء المعقمات والمنظفات والأدوية وغيرها، والتي لا يقوى الكثير على تحمل أعبائها، الأمر الذي عمق حالة الركود.
رغم كل المحاولات والسعي لضبط الأسواق، لا تزال أسعار المواد تأخذ منحاً تصاعدياً متسارعاً، نتيجة جشع بعض التجار ممن لا هم لهم سوى مضاعفة ثرواتهم وتحقيق أرباح طائلة على حساب لقمة عيش المواطن، وسيطرة عدد من الموردين والوكلاء على استيراد السلع والمواد الاستهلاكية والغذائية الأساسية، التي لا يمكن لأي شخص الاستغناء عنها، وتحكمهم في وضع وتحديد الأسعار، وتحقيق هامش ربح كبير يتجاوز حدود العقل والمنطق.
مشكلة الغلاء أصبحت ظاهرة يومية مستمرة في الصعود من دون أي مراعاة لوجود شريحة كبيرة من أصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة في المجتمع، والذين لم يعد بمقدورهم توفير متطلبات أسرهم وعائلاتهم واحتياجاتهم الحياتية الأساسية، والمواطن أصبح يعيش في دوامة حقيقية وهو يتطلع إلى طوق نجاة منها، فبعض التجار لا يكفيهم ما يحققونه من أرباح من هذا الغلاء، وإنما يتعمدون استغلال المناسبات والأعياد، وحتى الأزمات واستثمارها لصالحهم، والدليل هو الاستغلال العلني الذي حصل ولا يزال بسبب وباء كورونا، حيث تم رفع أسعار المعقمات والمنظفات والكمامات والقفازات ارتفاعاً كبيراً، استنزف ما تبقى في جيوب المستهلكين رغم أن المنتجات محلّية الصنع.
الغلاء الفاحش وغير المبرر في أسعار السلع والمواد الأساسية وغيرها يشكل تهديداً لاستقرار الأسرة والمجتمع، الأمر الذي يتطلب تدخلاً عاجلاً لوضع خطة محكمة للسيطرة على الأسواق وضبطها والتصدي لجشع التجار، وإجراء دراسة شاملة ومتكاملة عن الأسعار والهوامش الربحية التي يحصل عليها الموردون والتجار، ووضع ضوابط مناسبة لها، وتأمين البديل الاستيرادي، بمعنى أن تستورد الدولة لحسابها الخاص لكسر الاحتكار، وتشديد العقوبات بحق المتلاعبين بالأسواق والأسعار.
لا يستطيع أحد تجاهل الآثار السلبية الناجمة عن الحرب على سورية، وتدمير المنشآت والمعامل والبنى التحتية، والعقوبات الاقتصادية، ولكن يجب أن لا تبقى شماعة لتبرير موجة الغلاء المتلاحقة التي أرهقت كواهل المواطنين، وجعلتهم في حالة صعبة جداً يئنون بين مطرقة الأسعار وسندان محدودية الدخل.
أروقة محلية- بسام زيود