اعتمد مجلس الوزراء مؤخراً خطة وزارة الصناعة لتعزيز دور القطاع العام الصناعي وإعادة إقلاع جميع المنشآت المتوقفة.
ويدرك المتابع للشأن المحلي، ان تلك الخطة قد طال انتظارها، ولنقل عفا الله عما مضى ، ها هي صفحة جديدة ستفتح، لتسد احتياجات، منعها الحصار عنا، ورب ضارة نافعة، ولعل هذه الظروف الجديدة نسبياً ، تشجعنا أن نأمل أن الكثير من مصانعنا الحكومية الهامة جداً ستعود للإنتاج، مثل معامل الجرارات والخميرة والألبان وأفران صهر الحديد ورصد لهذه الغاية ٨ مليارات ليرة سورية.
ما من شك أن هناك من يشد نحو الاستيراد بصفته أسرع وأربح (له ) وهناك من يصور القطاع العام الصناعي، بعد تعرض كثير من مصانعه الى التخريب الإرهابي، وكأنه لا جدوى منه، وهذا خطأ كبير، يتجاهل أن الأهم موجود وهو القوى العاملة الماهرة والمبدعة.
إن العداء للصناعة الحكومية سعى وراء أضعاف الدولة، وجعل مواردها مقتصرة على الضرائب ، في حين أن الصناعة توفر قيمة مضافة هائلة ، وغنى للخزينة العامة، وعليه فإن قرار مجلس الوزراء ،خطوة هامة جداً لانعاش الاقتصاد السوري.
خذوا مثلاً مصنع جرارات الفرات في حلب(دمره الارهابيون وبات مجرد بناء إسمنتي أسود ) ، إنه ضرورة زراعية فائقة، بمعنى انه ليس نهضة صناعية ونواة للصناعة الثقيلة وحسب، بل هو رافد لأرض معطاء هي بحاجة ماسة إليه، فالجرار يحرث الأرض ويبذر ويسمد ويروي ويكافح الأمراض الزراعية ، ثم انه وسيلة نقل مثلى في الريف، للتسويق والتسوق والحالات الطارئة، وزير الزراعة قال: لقد خسرنا في الحرب الجائرة على سورية ٣٧ ألف جرّار زراعي دمرت وأحرقت وسرقت.
والرقم كبير لاسيما وأننا كنّا قبل الحرب بحاجة إلى عدد كبير من الجرارات وكان مصنع الفرات ،ينتج ٣٠٠٠ جرّار في السنة فقط، وكان الفلاحون ينتظرون زمناً طويلاً للحصول على جرّار كانوا قد سجلوا عليه.
وهذا مجرد مثال، وثمة أمثلة كثيرة معروفة : الاطارات – الحديد والصلب – الزجاج – الغزل والنسيج – توسيع الصناعة الدوائية الحكومية ، تاميكو ناجحة فلماذا تبقى على خط إنتاجي واحد ولماذا تبقى مساهمة القطاع العام في الصناعة الدوائية متدنية جداً وفِي السياق ذاته نأمل أن نرى ازدهاراً لمصنع بردى للبرادات وهو عريق ومصنع سيرونيكس لأجهزة التلفاز والهاتف والحواسيب.
الصناعة الحكومية ينبوع ربح حلال – بالقيمة المُضافة للمهارة البشرية ، غرامات من الحديد تصنع ساعة بملايين الليرات الآن ، وليس الربح مالياً فقط أو تشغيلا لِليد العاملة.
انه كسر للاحتكار اذا حصل وتوفير لسلع مطلوبة بكثرة لا يقوى الخاص لوحده على توفيرها .ولا يدخل مجال إنتاجها أصلاً لأن تكاليفها باهظة واستعادة تلك التكاليف تتطلب سنوات.إن المصلحة الوطنية تتطلب صناعة ثقيلة لآليات زراعية وشاحنات وباصات
وأكرر توجهوا شرقاً وستكتبون لسورية صفحة ذهبية في سيرة نهضتها بعد الحرب.
أروقة محلية – ميشيل خياط