الثورة أون لاين _ فؤاد مسعد:
صيغة استقطاب العرض الأول من العمل الدرامي ليتم عرضه على قناة مشفرة موضة قديمة حديثة ، فخلال فترة سابقة نشطت القنوات المشفرة وباتت تستحوذ على عروض أولى وحصرية إما لأعمال درامية سورية أو لأعمال تقوم بإنتاجها وفق صيغة (منتج منفذ) ويكون لها أحقية بثها أولاً ومن ثم يتم الإفراج عنها بعد عام أو أكثر لتعرض على المحطات الأخرى، وبعد أن تراخت قوائم هذه الموضة وتراجعت إلى حد بعيد واقتصرت على الانتاجات العربية المشتركة (أو ما يُسمى .. بان آراب) وخاصة ما كان يُصور خارج سورية ، عادت لتطفو على السطح مجدداً منذ عدة سنوات لتأخذ مكانها رويداً رويداً وبشكل مختلف ، وأصبحت شركات الإنتاج تتسابق لتسجيل انتصارها في عرض عملها على هذه المحطة المشفرة أو تلك ، وربما لذلك بعد مادي مشروع للمنتج في أن يفتش عن آلية ربح مقبول في ظل ظروف الإنتاج والتسويق الجائر عربياً ، وبسبب قلة الأعمال المُنتجة بات أي عمل يُعرض ضمن صيغة (القناة المشفرة) يبدو واضحاً وكأننا خسرناه ، وإن لفترة ، فيبدو وكأن صنّاعه أنجزوه ليكون وجبة طازجة لشريحة محددة فقط من الجمهور قادرة على شراء حق فك التشفير في منازلها ، تلك التي تستطيع متابعته بشروط عرضه ، أي ادفع لترى.
الفرق بين الأمس واليوم في عرض الأعمال الدرامية على القنوات المشفرة ، أن الجمهور كان ينتظر في الأمس فترة من الوقت ليفك أسر العمل ويُسمح بتداوله على بقية المحطات ، أما اليوم فكثيرة هي الحالات التي يتم فيها إقامة عرض موازٍ ، وإن لم يكن شرعياً (مهكر) ، بمعنى أنه ما أن تُعرض الحلقة على القناة المشفرة حتى تُبث أو تسرّب عبر مواقع الانترنيت لتصل إلى شريحة أوسع من الجمهور . ولكن في كلتا الحالتين يكون العمل قد قطف بهجته الأولى عدد محدد من المشاهدين ، وواحد من الأمثلة على ذلك أعمال عرضت في رمضان الماضي على الشاشة السورية سبق عرضها على أقنية مشفرة وعندما انتهت فترة استنزافها على المشفر ومن ثم اليوتيوب عرضت على الشاشة الصغيرة ، ومنها (هواجس عابرة) ، وضمن هذا الإطار لابد من القول أن كثيرين ظنوا في البداية أن التشفير ميزة وخاصية لأعمالهم ولكنهم ما لبثوا أن اكتشفوا الحقيقة ، فأعمالهم باتت محجوبة عن الجمهور بستار يصعب اختراقه إلا وفق معايير اللعبة التي تفرضها الجهة العارضة التي استحوذت على العمل.
نفهم أن الأمور تغيرت ضمن آلية الإنتاج ، إن كان على مستوى المنتج الذي يبحث عن ربح في وقت تراجع فيه الإنتاج إلى أدنى مستوياته ، أو على مستوى المخرج والممثل والكاتب فالحالة الإبداعية عندما تُقدم نتاجها هي بحاجة إلى تحقيق نوع من المتابعة للتقييم وبناء الخطوة التي تليها ، ولكن في حال أن الخطوة التي أنجزها المبدع لم تُعرض بشكل مفتوح فلن يستطيع تلقف صداها ليبني عليها الخطوات القادمة ، وعندما يعرض العمل بعد فترة يكون المبدع قد تجاوزه نحو خطوات أخرى ، وبالتالي فقد بريقه بالنسبة إليه لأنه يبدو كمن يرى حصاد جهده متأخراً وبعد فوات الأوان.
والسؤال الذي يمكن الاشتغال على ايجاد حلول له ، لماذا لا يكون هناك آلية عرض للعمل السوري على المحطة السورية توازي وقت عرضه على (المشفر) أو تبتعد عنه قليلاً بالاتفاق مع الجهة المنتجة والجهات العارضة بحيث يبقى للعمل بريقه وإن داخل سورية ، ليتابع الجمهور أعمال فنانيه ومبدعيه؟!..