الثورة أون لاين- لميس علي:
كانت لدى نيتشه قناعة: نصل إلى الفرح الكامل حين نرضى بشكل تام عن الحياة.. كان يصرّ على أننا يجب أن نقول: “نعم غير مشروطة للحياة حتى في جانبها السلبي والمؤلم”..
لعلك تحتار في كيفية الموازنة بين ما قاله نيتشه وبين ما نبّه له اسبينوزا حين ذكر: “لاحظ ما سيفرحك وما سيحزنك”..
كيف الحال فيما لو اجتمع الأمران بشخص واحد فكان مصدر سعادتنا وكذلك حزننا..؟!
تمضي إلى خزانة ذكرياتك مع مَن أحببت.. أحياناً معظم ما يتواجد فيها يسبب الألم.. حتى وإن كان سبباً لنسيان الوجع حين نظرتَ في عمق عينيه للمرة الأولى..
ببساطة تعتقد أن غاية وجود ذاك المحبوب هي الأهم.. وكل شيء آخر يأتي لاحقاً..
يبدو أن كل ما كنت تحياه ليس أكثر من وهم..
ستعود إلى دوّامة التوهان مرة ثانية حين يستوقفك ما قاله نيتشه عن الحقيقة والوهم: “ما هي الحقيقة؟ كثرة متحركة من الاستعارات والكنايات… إن الحقائق هي أوهامٌ نسينا أنها كذلك، واستعارات قد اُستهلكت وفقدتْ قوتها الحسيّة. قطع عملة فقدت نقشها”..
تتأمل كيف أن عملة حبّك فقدت نقشها وكل ما يميّزها..
فحقيقة وجودك معه أصبحت قِطعاً من خيال ضيّعت بريقها..
هكذا تضاعفت حقيقية تلك الأوهام.. واكتست شيئاً من واقعيتها عبر تكرار صداها في خيالك وحدك.. ووحدك فقط، دون أن تحظى بفرصة مجرد المرور في خياله..
ما هذا الخلط..؟!
هل حبّك كان وهماً لا حقيقة…؟!
وها هو يأتي من يكرّس أن الحقيقة ذاتها ليست أكثر من وهم..
إذاً ما المانع أن تحيا هذا الوهم على سبيل كونه حقيقتك الأجمل التي لا يدركها سواك.. عبر تسريب محاولات إنعاش عديدة لظلال حبٍّ تهاوى وأخفق حتى قبل ولادته..
كل المحاولات غير مجدية..
لا بأس لطالما لديك عادة أن تنبش كل ما يمسكك بحبال الأمل لمعاودة الحياة من جديد من دون وجوده.. ذاك الوجود التائه والهش.
ولن تفقد إيمانك ولا قناعة أن الحب هو المعجزة الأجمل التي تملك سرّ الانبعاث من جديد..
وفي درب انتظارك انبعاثات تالية تتذكر ما قاله فريدريك لونوار في كتابه “قوة الفرح”: (حين لا نشعر بالفرح في علاقة ما، علينا أن نتساءل عمّا إذا كانت هذه العلاقة جيدة لنا… يأتي هذا الشعور في الغالب من حقيقة أننا كففنا عن أن نكون ذواتنا)..
وهو ما يدفعنا إلى فك ارتباطنا بهذا الشخص والبحث عن آخر يُعيدنا إلى ذواتنا.. (شخص آخر يسمح لنا بالازدهار بالفعل، حسب طبيعتنا التي نحن عليها).