الثورة أون لاين – علاء الدين محمد:
يحزنني الآن أن التاريخ يعاني من مرحلة صعبة تقتل الشخصية الحية ، لا تجري الاشتراكية كما صورناها ، بل محددة وجامدة دون مجد ودون خيال ، أعيش فيها متضايقاً ضيق من يبني جسراً إلى عالم غير مرئي ، لأنهم ينسفون هذه الجسور ويقطعونها تحت أقدام الأجيال القادمة ، طبعا سيرى من يوهب البصيرة يومذاك هذه الجسور المغطاة بطحالب الفطر ، ولكن يثير الأسى أن تبني بيتا لا يسكن فيه أحد ، وقاربا من الخشب لا يبحر به أحد .
كتاب جديد صادر عن اتحاد الكتاب العرب تحت عنوان “وحيداً وسط السهب العاري” ، اختيار وترجمة الدكتور ثائر زين الدين ، وتقديم الدكتورة ناديا خوست ، الإخراج الفني وفاء الساطي .
الكتاب يتناول حياة سيرغي يسينين ، ويسلط الضوء على نضاله من أجل الحفاظ على الهوية الوطنية الروسية ، والوقوف بوجه من يريد تهميش هذه الهوية ، له مواقف مشرفة في الدفاع عن المواطن الريفي في روسية ، عانى ماعاناه من القهر والظلم ، تعرض للتشرد والجوع والبرد .. عاش حياة سياسية صعبة وصاخبة .
أما حياته الشعرية كان ينتمي إلى الشعراء الأكثر شعبية في روسيا ،حتى أولئك الذين لا يهتمون كثيرا بالشعر ، يعرفون شعره ويحبونه ، وهذه المحبة تزداد مع الأيام .
شعره يحمل في أعماقه تواضع قلب الإنسان الروسي ورقته .
تحدث الشاعر دائما بفخر عن جذوره الريفية ، وكان قد ولد في قرية كونستانتينفو في مقاطعة ريازان في تشرين أول 1985 – وقام جده بتربيته ، لأن أباه كان فلاحا فقيرا كثير الأولاد ، أنهى دراسته في قريته ، ثم انتقل إلى مدرسة المعلمين الكنسية في ناحية مجاورة ، لكنه لم يصلح معلما .. كتب الشعر في سن التاسعة من عمره .
غادر سيرغي يسينين الحياة باكرا في 27كانون الأول 1925 في لينينغراد .
فقد عاش ثلاثين عاما فحسب ، وربما من قبيل النبوءة بذلك ، رأينا شعره يفوح بتلك السعادة المشوبة دائما بمشاعر الحزن كما في قصيدته الرائعة “وأنهى الحرج الذهبي حديثه بلغة البتولا المرحة”
وهناك تناقضات في الرأي بين المفكرين والكتاب الروس حول موته .. لكن سيرغي يسينين وعلى الرغم من من سنوات عمره القليلة ترك إرثا شعريا غنيا جدا يثير في نفوسنا الإعجاب والغبطه