الثورة اون لاين -ناصر منذر:
معظم قادة الدول يؤكدون في نيويورك اليوم على ضرورة الالتزام بالمبادئ التي تحكم عمل الأمم المتحدة استناداً لميثاقها التي أجمعت عليه دول العالم، ومن جملة هذه المبادئ احترام القانون الدولي، والاستناد إلى قواعده، بعيداً عن التسييس وازدواجية المعايير، ولكن الذي يحصل في جنيف يعطي صورة قاتمة لما يجري على أرض الواقع لجهة الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي والإنساني، ومجلس حقوق الإنسان يجسد بشكل واضح هذه الانتهاكات بتجاهله المتعمد قواعد القانون الدولي، حيث يبني أحكامه بشكل مسبق عندما يتعلق الأمر بالدول المناهضة للسياسات الغربية المهيمنة على قرارات المنظمات والهيئات الدولية التابعة للأمم المتحدة، والتي يحيي العالم هذه الأيام ذكرى تأسيسها الـ 75.
طريقة مقاربة الأوضاع الإنسانية في سورية، التي ينتهجها مجلس حقوق الإنسان، والمبنية على الاتهامات الباطلة والادعاءات المغرضة، تختزل كيفية التعاطي المسيس للجان المعنية بهذا الشأن، والتي غالباً ما يكون أعضاؤها تابعين لأجهزة استخبارات غربية، ينفذون أجندات الدول المهيمنة على المجلس بقصد تشويه صورة الحكومة السورية، وهذا يتعارض بالمطلق مع المهمة الأساسية التي يفترض أن يضطلع بها هذا المجلس استناداً لمبادئ الحيادية والموضوعية واللا انتقائية التي تحكم آلية عمله، ولطالما استخدم مدعو حقوق الإنسان الغربيون، الورقة الإنسانية كأداة ضغط لابتزاز الدولة السورية من أجل تحصيل مكاسب سياسية عجزت حكوماتهم الداعمة للإرهاب عن تحقيقها طوال سنوات الحرب الإرهابية التي يتعرض لها السوريون.
من المفارقات الهزلية أن أميركا والحكومات الغربية التي تتشدق على منابر الأمم المتحدة بشعارات الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، تدعي حرصها واهتمامها بتحسين الأوضاع الإنسانية للسوريين، لكنها تتجاهل بأن دعمها للإرهاب، وتصرفاتها وإجراءاتها العدائية هي السبب الرئيسي لما يعانيه السوريون، وتتعامى عن كل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها بحقهم، سواء بمشاركتها المباشرة بسفك الدم السوري، أم بتغاضيها المتعمد عما ترتكبه أدوات العدوان أمثال نظام أردوغان وإرهابييه بمختلف تسمياتهم، والميليشيات العميلة (قسد) من جرائم يندى لها جبين الإنسانية، أو من خلال إرهابها الاقتصادي وإجراءاتها الأحادية القسرية التي تستهدف السوريين بلقمة عيشهم، وما يسمى قانون (قيصر) مثال صارخ للعدائية الأميركية والغربية، ونموذج واضح للانتهاكات السافرة للقانون الدولي والإنساني.
للأسف، فإن آليات عمل الأمم المتحدة يبدو أنها لم تعد صالحة للعمل، في ظل الهيمنة الأميركية والغربية على منظماتها وهيئاتها المتعددة، وهي خرجت فعلياً عن الخدمة عندما بدأت الولايات المتحدة شن حروبها وغزواتها خارج إطار المنظمة الأممية، وبنسف كل القوانين والقرارات الدولية بهدف محاولة تأسيس نظام سياسي بديل عنها، وهذا يحتم ضرورة توحيد الجهود الدولية للتصدي لسياسة التنمر الأميركي والغربي، من أجل صون آليات عمل الأمم المتحدة والعمل على تطويرها بما يخدم مصلحة الشعوب وتطلعاتها نحو إرساء الأمن والاستقرار الدوليين.