دعم الإرهاب، النفاق السياسي، الكذب والتدليس، قلب الحقائق، المتاجرة الرخيصة بحقوق الإنسان، التباكي على الوضع الإنساني” كلها ركائز خبيثة تستند إليها سياسة الولايات المتحدة في سياق تعاطيها مع مجريات الحرب الإرهابية على سورية، هي لم تترك وسيلة إجرامية إلا وجربتها، والسوريون واجهوا، ولا يزالون، كل أشكال العدوان والإرهاب الأميركي، وحققوا مآثر كبيرة في التصدي والصمود، وعروا السياسة الأميركية بكل جوانبها العدائية، وكشفوا للعالم أجمع أبعاد هذه السياسة القائمة على نوازع الهيمنة واللصوصية لقهر الشعوب واستلاب إرادتها.
مسامع السوريين لطالما تعودت على أصوات الناعقين في البيت الأبيض لمحاولة تلميع صورة إدارة الإرهاب الأميركية للتغطية على كل جرائمها بحقهم، لاحظنا ذلك مراراً وتكراراً عندما تشدق مسؤولو هذه الإدارة بمزاعم المساعدات الإنسانية، واليوم يتشدقون بمزاعم تعاطفهم مع متضرري الحرائق في سورية، علما أن العالم كله بات يدرك ماهية الإنسانية الأميركية المزعومة، وكيف تنعكس مفرداتها وشعاراتها الزائفة على أرض الواقع، هي تترجم بسلسلة لا متناهية من الجرائم ضد الإنسانية، وأميركا لا تزال تتمادى بارتكاب هذه الجرائم بحق السوريين، في محاولة عبثية لسلب إرادتهم، وإخضاع دولتهم لمشروعها الاستعماري الرامي قبل كل شيء لتكريس الاحتلال الصهيوني لفلسطين التاريخية، وفرضه كجزء أساسي على الخارطة الجغرافية والسياسية للمنطقة، ليكون ذراعاً مستداماً للغرب المتوحش، وهذا المشروع تبنته جميع الإدارات الأميركية المتعاقبة، وكل إدارة جديدة تلهث لتنفيذه بأساليب مختلفة لتحوز هذا السبق الإجرامي، وإذا كانت إدارة ترامب الأكثر دعماً لهذا المشروع حتى الآن، فإن بايدين وإدارته المحتملة بحال فوزه في الانتخابات القادمة لن يكون أقل حماسة لتجريب حظه في هذا المضمار العدواني، فهو من قال في السابق إنه لو لم يكن هذا الكيان موجوداً لكان على بلاده أن تخلقه كقاعدة متقدمة تحمي مصالح أميركا في المنطقة.
الولايات المتحدة تدرك تماماً بأن سورية هي حجر العثرة الدائم أمام تحقيق مشروعها هذا، وسرعان ما تلجأ لتغيير استراتيجياتها العدوانية عند كل هزيمة تمنى بها مخططاتها، فتتدرج بممارسة إرهابها بحق السوريين، وربما وصل اليوم إلى ذروته القصوى، ومن غير المستبعد أن يكون عملاء أميركا وأدواتها وراء إشعال تلك الحرائق التي أثارت حمية التعاطف المزعوم لدى إدارة ترامب، فهذه الحرائق تندرج في خانة الإرهاب الاقتصادي الممنهج الذي تمارسه تلك الإدارة لمحاولة إطباق الخناق على الشعب السوري، وهي توازي عمليات الحرق المتعمد للمحاصيل الزراعية في منطقة الجزيرة عندما ألقت مروحيات المحتل الأميركي وبأمر من ترامب نفسه بالونات حرارية في حقول القمح قبل أن تحولها إلى رماد، وتوازي كذلك السرقة الموصوفة للنفط السوري على يد الأميركي وأذرعه الإرهابية أمثال “قسد وداعش” والنظام التركي.
المزاعم الإنسانية الأميركية تتجاوز أبشع أشكال الخداع والنفاق، وتكذبها سياسات البيت الأبيض في دعم الإرهاب على اختلاف أشكاله وعناوينه “العسكري والسياسي والاقتصادي والنفسي”، ومساعيه الخبيثة والمتواصلة لإطالة أمد الأزمة، وإجهاض كل مبادرة أو حل سياسي، ويكفي سيف العقوبات الجائرة تحت مسمى “قيصر” للدلالة على مدى الإجرام الأميركي بحق السوريين، ومدى الإمعان في الكذب والنفاق عند التباكي على أوضاعهم الإنسانية، فمهما حاولت الإدارة الأميركية تلميع صورة مسؤوليها، فلن يكون بمقدورها الخروج من عباءتها الإرهابية، فهي كما سابقاتها ولدت من رحم آفة الإرهاب العالمي.
نبض الحدث- بقلم أمين التحرير ناصر منذر