الثورة أون لاين – هفاف ميهوب:
كلماتٌ، قالها الأديب والشاعر العراقي “أسعد الجبوري” ولم أجد أبلغ منها لوصفِ إجرام من أوقدوا نيران أحقادهم وشرورهم في غابات وأشجار وأراضي بلادي. قالها بألمٍ عاشه وبقيت آثاره، تتجدّد فتجدّد اللعنة على كلِّ مجرمٍ – إرهابي.
كيف لا، وهو الذي عانق هذا الوطن ذات ماضٍ وإن غادره، إلا أنه بقي مسكوناً بعطر الحياة المعتق في ياسمينه.. عطر المحبة الباقية، كما كلماته المتضامنة والوفية .
أسعد الجبوري : روائي وشاعر عراقي
“باقون فوق الجمر.. سوريون”
/وإن استعرِتْ طبقاتُ جَهَنَّم في الأجساد والمنازل/ والغابات..
لنْ يحملوا الجبالَ على ظهورهم ويرحلوا..
باقون فوق الجمر.. سوريون
أحياءٌ في الأرواح.. سوريون/
نعم هي كلماته المتضامنة والوفية . كلمات شاعرٍ، يرى بأن الشِّعر ليس “شركة استثمارية” وبأن “الشاعر الذي يهيمَنُ على اللغةِ بطاقاته التصويرية ويُنهي خصومه بجدارة، إنما يفتحُ أمام القارئ باب الفردوس الأحمر، ليقول له :
“ادخلْ متاحف الجماليات وتلذَّذ بموسيقا النار، عندما ترى الكلمات تفيضُ بالفتنة وبالمدِّ الاختراقي الذي لا جَزْرَ بعدهُ على الورق، ولا في الأرواح.. هكذا يحتلُ العندليبُ الغابات بأغانيه، وهكذا أيضاً، لم يَعد البكاءُ أعلى أصوات الكلمات”.
موسى حوامدة: كاتب وشاعر فلسطيني
“ياربيعة الضحكات “
لم يكن “الجبوري” وحده من أخلص الحب لسورية، ذلك أن عشاقها كثر، ومن شتى فضاءات النبض الذي يأبى أن يتاجر بالقضايا الوطنية أو الإنسانية.. النبض العربي الوفي، الذي سرى في وجدان الشاعر الفلسطيني “موسى حوامدة” مثلما في قصيدته التي تضمخت بـ “سوريانا” فأنشدها عاشقة سماوية لا أرضية:
/يا ربيعية الضحكات/ خريفية الجنون والخيال/ أيتها العاشقة المتقلبة الدمِّ والهواء/ حلمك سحاب يقطع رأس البخار/ على ساحل الغربة/..
سورية كانت حلم الإله الأول/ ليولد فيها آدميون يشبهون الفكرة الطازجة/ مرت الخارطة من بين يدي الحاجب/ ولم ينقل بقية الفسيفساء/ وكان الرب مشغولاً بممالك سرية/ وهو يمضى دردشات كثيرة مع أولياء لم يصلوا إلى مرتبة النبوة/ وغانيات مقبلات على الورع/ فأعطى كلمته للحاجب دون مراجعة الشكل النهائي للأرض/ بقيت سوريا وحيدة على جانب طاولة الخلق/ ولم تهبط مع التميمة الأولى/ ولما أفاق البناؤون/ لم يجدوا الجرأة/ لمراجعة الرب في خلقه/ فتركوا سوريا بين يديه وصنعوا العالم الناقص/..
أمين سعدي : إعلامي وكاتب عراقي
“خيوط الفجر.. أزقة من نار”
أيضاً، هاهو الكاتب العراقي “أمين سعدي” يعلن بصوتِ إنسانيته الجريحة : سورية لا ولن تركع.. يعلن ذلك ثم يسعى ماأمكنه لتضميد وجعها، وبوصفه لما عانت منه وواجهته صامدة ووحيدة رغم ألمها :
“على السواحل/ شبح نارٍ إغريقية آتٍ من بعيد/ آتٍ من قريب/ يأكل البشر/ يأكل الحجر/ يأكل الشجر..
رأيت الأحراش الداكنة/ رأيت ترتيلاً بعيداً بين الغابات/ لا شيء سوى حشرجة الرماد/ وأرنب بري متوقف عن السباق/ وبقايا سلحفاة..
رأيت اللوز/ وحيداً بلا مطر/ رأيت الصنوبر يستند إلى السنديان/ قبل أن يواريه الثلج/ ورئة الأرز تشم أوكسجين الموت/ تحت القمر.
عند طلوع الخوف/ ساق القمح مقطوعة/ خيوط الفجر أزقة من نار/ عين الطائر باردة على شفة النهر الوحيد/ يد الشمس ذائبة في الدخان/ الوقت تأجيل على وريقات شقائق النعمان/ الجباه تلتمس عاطفة التراب/ بحسرة الكلام..
أسمع أجراس الموت عبر الباب/ كنت على معرفة بالماء/ أناديه فيهطل مثل الأصدقاء/ أين الأصدقاء؟.
عمرو أبو زيد : كاتب وشاعر مصري
“قلبي مع سورية.. مع شجرها”
حتماً، سيكون هناك كُثر ممن تحزن قصائدهم لحزن سورية، وتفرح لفرحها.. سيكون هناك من يعيشها بكلِّ حالاتها، كما عاشها الكاتب والشاعر المصري “عمرو أبو زيد” الذي قال مشتاقاً ومتألماً وغاضباً حتى على النار التي أحرقت شجرها :
“قلبي مع سورية، مع الحزن النبيل.. مع الوقت الذي هو الداء المُتدفق في جسد الانتظار..
قلبي مع سورية، مع التعب حين فاض وكشر عن أنيابه!.. مع الأسى الذي أسرفنا في حفظهِ.. قلبي مع الطفل والنافذة والشمس الرؤوم في نهاية النفق..
قلبي مع سورية، ومافيها من الحياة والحب رغماً عن أنف الغبار.. قلبي مع الشجرة، فعلى النار أن تخجل من فعلتها.. قلبي مع الشجرة حين يتجسد رمادها وتئن لأجلها كل عصافير الأرض.
قلبي مع سورية، مثلما أعرفها وتعرفني.. سوريةالتي تحتضن الجميع دون استثناء”