الثورة أون لاين – ناصر منذر:
لماذا تثير عملية مكافحة الإرهاب التي يقوم بها الجيش العربي السوري بمساعدة حلفائه، هذا القلق الكبير لدى الغرب على مصير الإرهابيين في سورية؟ حيث لا تكاد أي جلسة يعقدها مجلس الأمن الدولي حول الأوضاع في سورية -وهي تعدّ بالعشرات- تخلو من إبداء الدول الغربية مخاوفها الواضحة والصريحة على مصير أولئك الإرهابيين، والجواب بطبيعة الحال لا يخرج عن إطار المحاولات الغربية المستمرة لحماية أولئك المرتزقة باعتبارهم أحد الأدوات الرئيسية التي يستخدمها الغرب في حربه الإرهابية على الشعب السوري.
مجلس الأمن الدولي، سبق وأن تبنى قراراً في غاية الأهمية في مجال مكافحة الإرهاب، هو القرار(2253)، ولكن الدول الغربية وفي مقدمتها الدول الأعضاء في المجلس(أميركا وبريطانيا وفرنسا) سرعان ما تجاهلته، لأنه اتضح لاحقاً أنه يتعارض مع سياساتها المبنية على دعم الإرهاب، حتى أنها تتحاشى ذكره لأنه يدينها في المقام الأول، لعدم تقيدها بمضامينه التي تفرض التزامات واضحة وقويّة على حكومات الدول الراعيّة للإرهاب في سورية، وفي مقدمتها التوقف عن دعمه وتمويله، وتجريم المعاملات المالية المتصلة به، بما في ذلك جميع المعاملات مع الإرهابيين من أفراد وجماعات، إلا أنّ ما يجري على الأرض هو العكس تماماً، حيث لم يكفّ هذا الغرب يوماً عن تقديم المال والسلاح والعتاد للتنظيمات الإرهابية، في تناقض واضح مع جوهر القرار المذكور.
كان المأمول أن يدفع القرار المذكور نحو تشكيل تحالف جدي وفعال لمحاربة الإرهاب، ولكنّ استماتة الدول الغربية في الدفاع عن الإرهابيين، وتبرير جرائمهم، وخلق روايات مفبركة لإلصاق تهم باطلة بالجيش العربي السوري وحلفائه، بهدف منعهم من مواصلة حربهم على الإرهاب، قلبت الصورة تماماً، بحيث نجد الدول الداعمة والراعية للإرهاب شكلت في مجلس الأمن تحالفاً لإجهاض مضمون هذا القرار، ولمحاربة الدول التي تكافح هذا الإرهاب، وتضع كلّ إمكانياتها لحماية ما تبقى من إرهابيي (النصرة وداعش) ومن ينضوي تحت رايتهما الوهابية التكفيرية، وتتغاضى عن كلّ جرائم الحرب التي يرتكبها نظام أردوغان ومرتزقته الإرهابيين، وتقدم كلّ أشكال المساعدة والدعم لميليشيا(قسد) الإرهابية للاستمرار بانتهاكاتها وجرائمها بما يخدم نزعتها الانفصالية، والأهم من كلّ ذلك تشجيع الكيان الصهيوني على التمادي باعتداءاته، باعتباره الداعم الأكبر للإرهابيين، وأحد الأقطاب الأساسيين في الحرب الإرهابية على سورية.
الغرب يعاني اليوم من ارتدادات دعمه للإرهاب، ونسمع دوله تنادي على المنابر الدولية بضرورة التكاتف لمحاربته، ولكنها في المقابل لا تتخذ أي إجراءات رادعة وحازمة بهذا الشأن، لأنها في الحقيقة ترى مصلحتها باستمرار وجود الإرهاب، لأنه يخدم أجنداتها الاستعمارية، وهذا ما نلاحظه بشكل واضح من خلال سياساتها العدائية تجاه سورية، فعندما يتعلق الأمر بتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب، تبني تلك الدول مقارباتها على ازدواجية المعايير والتسييس وتزييف الحقائق، بما يخدم مخططاتها العدوانية في مواصلة الاستثمار بجرائم الإرهاب، لتحصيل مكاسب سياسية على حساب أمن الشعب السوري واستقراره، وهذا يثبت مجدداً أن تلك الدول لا يمكن أن تتخلى عن سياساتها الداعمة للإرهاب، لأن تلك السياسة تشكل صلب عقليتها الاستعمارية المتسلطة.