من عشرين شاشة أطل رؤساء الدول في قمة العشرين الافتراضية ليسجل التاريخ هزيمة عالمية ينتصر فيها تاج كورونا على كل تيجان الملوك وعظمة الدول الكبرى ورؤوس أموالها حين يحكم الفيروس الإغلاق عن انطلاق واقعي لمثل هذه القمة ويحصرها بقمقم التكنولوجيا ويزج رؤساء دول كـ أميركا وأوروبا اعتادت الطيران على بساط التفاخر بالتطور والتقدم بالصناعة من حبة الدواء إلى استساخ النعجة والحروب وطباعة الديمقراطية على قمصان الكوارث…فالتقطت لهم كورونا صورتها التذكارية في قمتهم الاقتصادية!!.
ثمة دول كروسيا والصين حضرت بقوة قمة العشرين الافتراضية وخرجت عن التعميم في الصورة القاتمة الملتقطة لقمة تجاوز كورونا بعد أن تجاوز الفايروس كل حدود القدرات الصناعية والاقتصادية للدول المشاركة.. فبكين كانت أول من بادر بالحلول الاسعافية للعالم في حين بشرت موسكو باللقاح للفايروس..لكن… ماذا عن واشنطن التي أطل ترامب من نافذتها في القمة الافتراضية يؤيد تخصيص ملايين الدولارات لتوزيع اللقاح ضد كورونا وتجاوز المحنة وفي ذمته ملايين الضحايا من الأميركيين وباقي العالم بعد أن رفض الإغلاق الإسعافي فوق صناديق اقتراعه وخسر مرتين..خسر ماء الوجه.. وانتخاباته، فالأميركيون عملياً لم يصوتوا لـ جو بايدن بقدر ما صوتوا لرحيل ترامب..فاز الديمقراطيون من كراهية الأميركيين للتاجر الأميركي الذي حفر قبور مئات الآلاف منهم بالاستهتار بفايروس كورونا في طريقه المسدود إلى البيت الأبيض ثم يطل من العشرين ليبحث في مابعد الموت!! ليس ترامب وحده..هل رأيتم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وهي توزع (الحنية المجانية) بضرورة مساعدة الدول الفقيرة مابعد كورونا..لم تمد أوروبا يد المساعدة في الجائحة العالمية بل كانت أول الغارقين لذلك لن نستبشر باليد الأوروبية مابعد الجائحة ولاعجب إن رُصدت ميركل تنصت باهتمام إلى قبلة التعاون الدولي مابعد كورونا دون تأثير أو تأثر فهي بحالها هذا تجسد الصورة الأكثر دقة عن حال الاتحاد الأوروبي الذي بات متحفاً كبيراً للشمع تذيبه واشنطن بحسب قوالبها ومصالحها الاقتصادية والسياسية…
شاشة قمة العشرين دولة كانت كافية لتعكس ما مضى وما سيكون، فكورونا اختبر الجميع في التعاون الدولي لمواجهته فإن فشلوا في إسعافاته الأوليه فكيف يتعهدون بالبيان الختامي بالمعالجة الفزيائية لاقتصاد وصحة العالم مابعد الأزمة…التنافس على صفقات اللقاح سيكون سيد المشهد العالمي القادم أما قمة العشرين وتفاصيلها فقد فشلت حتى في تحقيق أهداف بعض الدول والرؤساء من عقدها… فترامب الذي وعد أنه سيستمر في التعاون مع دول العشرين ليس بعد كورونا فقط وبعد بايدن أيضا بدا غريباً في تفاؤله وهو الراحل قريباً عن البيت الأبيض والخاسر بجدارة!! الخاسر الأكبر في القمة الافتراضية كانت السعودية التي أضاع عليها الفايروس (الفرصة التاريخية)في تقديم آخر انجازاتها بافتتاح خط المترو واستعراض قيادة المرأة للسيارة حتى لو كان ذلك فوق صوت الحرب الهمجية على اليمن وصوت المنشار على عظام المعارضين لها أو حتى دعم الإرهابيين في سورية والمنطقة…
الأكثر من ذلك أن الرياض استغلت قمة العشرين الاقتصادية والصحية لتمرير أجندات سياسية وإضافة المقاومة الشعبية في اليمن على قائمة الإرهاب….والخراب الأكبر في القمة أنها انعقدت في العتمة بعيداً عن أضواء ما يحصل من كوارث اقتصادية وسياسية سببها بعض المشاركين بصفاتهم الشخصية والرئاسية… كترامب وأردوغان!! فبيان القمة ينظر إلى عالم ما بعد كورونا اقتصادياً وصحياً وكأن الفايروس دون تحصين من دولتين محتلتين أميركا وتركيا اللتين تحاصران الشعب السوري بالاحتلال والارتزاق وقطع السبل عن الحلول أو حتى مواجهة كورونا.. فقيصر ترامب وملحقاته من حرق لحبة القمح ولقمة العيش في سورية لم يذكرا في البيان أو حتى في الكلمات المنمقة عن ضرورة مكافحة الفايروس عالميا والتعاون لتحسين الوضع الاقتصادي بعده.. فأي قمة للعشرين ستنجب الحلول بوحلها الاقتصادي الذي يضاف إليه بلة الحضور الافتراضي و قطع سبل اللقاءات الثنائية بين الزعماء وإغلاق ساحات الحديث عن المشاهد العالمية والاقليمية المركبة والمعقدة… أي قمة ستنجب الحلول إذا كان المضيف سعودياً وفي الحضور واشنطن وأنقرة وأوروبا…فلو كانت ظروف القمة خصبة ومثمرة للتعاون الدولي لما انعقدت افتراضياً وتحت الإقامة الجبرية لكورونا بعد سنة من الوباء لعالم لامس وجه القمر وكواكب الفضاء وعجز عن مواجهة وباء…
من نبض الحدث – عزة شتيوي