ظاهرة تغيير المدربين إحدى السمات البارزة التي تصبغ دورينا الكروي بلونها الرمادي، خلال مواسمه الأخيرة، وهذا مؤشر ذو دلالات متعددة، يعبر أكثر مايعبر عن عقلية هاوية لا تمت للاحتراف بصلة، إذ يبدو الأمر في غاية السهولة بالنسبة لإدارات الأندية التي تتجه إلى الحلقة الأضعف في السلسلة الرياضية، وتحاول حلّ إشكالاتها المستعصية عبر إقالة المدرب، عندما تسوء النتائج، في محاولة منها لاسترضاء جماهيرها من جهة، وللتخفيف من الضغوط التي تتعرض لها من جهة أخرى؟! ومع وصول الدوري إلى الأسبوع الرابع فقط نجد أن أربعة من المدربين تمّ الاستغناء عنهم، واستبدالهم بآخرين، وليس بالضرورة أن يكون البدلاء أكثر كفاءة أو خبرة أو حملاً للشهادات الآسيوية العليا، لأن المطلوب التوفيق، ولاشيء سواه، مايبرهن أن العقلية السائدة لا تعرف إلا الهواية؟! ولاضير من بعض الأمثلة من الدوريات الأوروبية المحترفة شكلاً ومضموناً وسلوكاً وممارسة أيضاً، لندرك أحد الأسباب التي أبعدتنا عن ركب التطور مسافات فلكية..
ففي حين نجد مدرباً مثل ارسين فينغر قضى (٢٢عاماً) في تدريب ارسنال، نجد بالتوازي معه مدرباً قضى ساعات قليلة في تدريب أحد فرقنا هذا الموسم!! وفي الوقت الذي نرى أن أكثر مدربي العالم نجاحاً (يورغن كلوب) في أحد أكبر أندية العالم (ليفربول) احتاج إلى أربع سنوات كي يحقق طموحات وآمال النادي الإنكليزي، نجد أن أنديتنا لاتمهل المدرب سوى بضعة مباريات قبل الإطاحة به.
أغلب مدربينا، إن لم نقل كلهم، يعمل بقناعة تامة بأن حقيبته لابدّ أن تكون جاهزة طوال الوقت، وبالتالي فإن الإقالة لا تمثل معضلة للمدربين بقدر ما تكون إفرازاتها قاسية على الأندية ونتائجها، وليس أدلّ على ذلك من أن بعض أنديتنا أقالت مدربيها على أمل تحسن النتائج، لكن شيئاً من ذلك لم يتحقق، بل زادت الأمور سوءاً!!
في كرة القدم الحقيقية لابدّ لعناصرها الثلاثة المدرب واللاعب والإداري، أن يؤدي دوره كاملاً دون تجاوز حدوده ومسؤولياته وصلاحياته، بعقلية محترفة؟! تبدو المعادلة صعبة التحقق لكنها ليست مستحيلة إذا احترمنا بنودها وابتعدنا عن ردات الفعل و المزاجية والاختيار العشوائي.
مابين السطور – سومر حنيش