الثورة أون لاين – رشا سلوم:
هل تخيلت العالم لدقيقة واحدة دون موسيقا أو شعر أو رسم أو اي لون من ألوان الفن ..
فكر بذلك وتصور كيف ستكون حياتنا …ماذا لو لم يكن أمرؤ القيس ولا النابغة ولا غيرهم من الشعراء …ماذا لو لم يكن نزار قباني وأم كلثوم ووو إلى ما في القائمة ما الذي يمكن أن يجعل العالم جميلاً بهياً نضراً؟
بالتأكيد سنكتشف الفن وبالتالي السؤال لا معنى له لأن الفن صفحة من الحياة بل ملح الحياة ..ومن ضرورة الفن إلى السؤال الذي يطرحه الكاتب والمبدع مالك صقور في كتابه الجديد الصادر حديثاً عن دار دلمون بدمشق تحت عنوان :لماذا الفن ..؟
يطرح السؤال بأكثر من شكل وأكثر من حال منذ المقدمة ..لماذا تتزين المرأة ولماذا نسمع الموسيقا ولماذا نشتري لوحة فنية..ولماذا يبحث القارئ عن قصيدة ما مفقودة ..
أسئلة كثيرة كما يقول صقور وهي صعبة عند بعضهم وسهلة عند آخرين…
وفي الجواب عليها يرى ليس لأن الفن يأتي بالمتعة والراحة والسعادة والسرور والهناءة والتسلية أيضاً فحسب بل لأن الإنسان ينزع أبداً إلى الأكمل والأحسن والأفضل …
وهذا الأكمل والأحسن والأفضل ..إنه يكمن في الجميل والسامي والرائع والجليل ..إنه يكمن في الفن الحقيقي الأصيل..
والفن هو ظاهرة اجتماعية معقدة وربما بالغة التعقيد ظاهرة مغرقة في القدم عمرها من عمر الإنسان منذ أن وقف على قدميه وانفصل عن القطيع الحيواني واستمر بالتطور منذ تلك اللحظة وحتى اللحظة الراهنة وهو في تطور مستمر..
والفن يسمو بالإنسان لانه يطهر الروح ويحرر الإنسان من الغرائز المضرة ..وفق أرسطو…
بعد هذا يتناول الحديث عن نشأة الفن ويستعرض النظريات التي تتناول الأمر ..أولها النظرية الغربية التي ترى أن الفن في أصله لعب، أما النظرية الاشتراكية فتعارض هذا الرأي وترى أن العمل هو أصل الفن …ويسوق المؤلف الدلائل على على ذلك ..
بعد ذلك ينتقل المؤلف إلى تطور الفن ليقدم دراسة مهمة فيما رأى الفلاسفة بالفن من سقراط إلى إبيقور مع اقتباسات مما قالوه في الفن ..
ليختتم الكتاب بخلاصات مهمة
حول وظيفة الفن ولماذا الفن ..
أما وظيفة الفن فيرى مالك صقور… أن أول وظائف الفن الاتصال والتلاقي …ثم الوظيفة التعليمية..والتربوية والجمالية..والثقافية والإبداعية ست وظائف تتكامل ولا تتنافر..
أما لماذا الفن ؟
فيرى ..لأنه يجسد الواقع…التنوير والكشف ..التنبؤ ..التحريض ..التغيير..العزاء ..تحقيق الذات ..الحكمة ..
ثم يضيف إن تولستوي ختم كتابه ما هو الفن بالتالي ..
إن رسالة الفن في زمننا تكمن في نقل الحقيقة من مجال العقل
إلى مجال الأحاسيس الحقيقية …
ويختتم بقول ميخائيل نعيمة .. إن أجمل الفن ليس في المتاحف ومحترفات الفنانين بل في حياة موحدة الغاية والإرادة في قلبها إيمان لا يتزعزع بهدف الإنسان الأسمى وفي إيمانها محبة لا تنضب لكل من شاركها وما شاركها …
الكتاب قراءة مهمة جداً في الفن وضرورته وهو الرسالة الأسمى…بقي أن نشير إلى أن الأستاذ مالك صقور قدم للمكتبة العربية أكثر من ٢٥ كتاباً ما بين الدراسات النقدية والترجمة والإبداع .