“عاشق ويعيد”.. يجمع بين الأصالة والموروث والحداثة

الثورة – رفاه الدروبي:

 

“عاشق ويعيد”.. عنوان الديوان الجديد للشاعر عبد الكريم العفيدلي ابن الرقة، وهو ديوانه الخامس، الصادر عن دار توتل للطباعة والنشر والتوزيع، تناول فيه إحدى وأربعين قصيدة، حمل بين دفتيه 134 صفحة من القطع المتوسط وقد وقعه اليوم في ثقافي أبو رمانة بدمشق.

لا يتعب سفينه

تناولت المقدمة للناشر محمد أحمد الطاهر التي يقول فيها: “عندما تحلق أصالة القصيدة في ربوع دمشق الحضارة والتاريخ كنه متدفقة، تنهض السنابل الشامخات لتطال النجوم، وكأنها تعبير مجاز عن ذكريات شاعر متوجع من حمى الذكريات ومن ذاكرة الأرواح فجمع في محراب الجمال ابتهالات لأجل الغياب والأم والوطن والحنين وحتى الألم والأنين فأنا الشاعر من لا يتعب سفينه في طلب المحال. وأشار الشاعر العفيدلي إلى أنَّ صدور ديوانه الخامس إذ سبقه ديوانان الأول فصيح وآخران بالشعر النبطي، ويختلف الديوان الحالي عن كل ما كتبه سابقاً لأنَّه يتناول كل أساليب الشعر الفصيح من تفعيلة وعمودي ونثر جمع فيه بين الأصالة والموروث والحداثة، وتوسع في الأساليب والأغراض الشعرية، إذ تنوعت موضوعاته وغلب عليها الفلسفة الذاتية والوطن والأمكنة وكانت دمشق حاضرة في القلب بداية الديوان متنقلاً بين حمص والرقة والوطن والأماكن حاضراً في الوضع العام السوري والعربي ولا يخلو ديوان في أجزائه من الغزل.

مسكون بالوطن

الكاتب عماد نداف رأى أنَّ الشعر النبطي ورد ذكره في مقدمة ابن خلدون، وامتاز به الهلاليون في سيرتهم المشهورة، ويعتبر الأقرب لبيئة القبائل العربية وحياة البداوة والصحراء، والشاعر العفيدلي ابن منطقة الفرات والقبائل العربية الفائضة بالأصالة والنخوة والبلاغة، ووجد الشاعر في ديوانه الجديد “عاشق ويعيد” مسكوناً بعلاقة من نوع خاص مع الوطن، والمكان والذاكرة، والمبادئ، وإذا كانت رؤيته أن كتابة القصيدة الشعرية عند الشاعر الموهوب تأتي حسب الحالة، يسببها الانفعال الوجداني، فإنَّ الفصيح يصور الهمَّ الوطني وواقع يعيشه المجتمع.كما أكد الكاتب النداف أنَّ العفيدلي يؤسس لخصوصية في شعره المتمكن من كتابة كل أنواعه المتعددة، كي يجعل قصائده صورة عن وجدانه ومعاناته وعشقه وضعفه أمام الزمن، والحياة جعلتنا في مواجهة دائمة مع ظروفها، فدمشق أحبها كل الشعراء والمؤرخون والرحالة الثابت الوحيد في وجدانه فأنشد:

ماذا أزيدك يا دمشق قصيدا؟

أنت القصيد قلائداً وعقودا

ياقبلة الشرفاء لم تتغير

يرغم البلاء يظل وجهك عيدا

لافتاً إلى أنَّ المفتاح السحري للشاعر العاشق نراه يحاكي الأشياء، كما لو أنَّه على تواصل حي معها، فيراقب في كل لحظة ويسأل عن ذاته في قصيدة المرايا يعلق بكائيته على جدار زمن تراكمت فيه المآسي، سيكتب عن عشقه لفلسطين والحرية والطفولة وتنتاب القارئ مجموعة أحاسيس أولها أنَّه صادق في تعامله مع الأمكنة كونها وعاء الحياة والناس باعتبارهم العنصر الأهمّ فيها وقاس على ذاته عندما يعلن انكساره وتوقه إلى مستقبل جديد يرمم فيه كل تلك الهزائم.

للحبِّ مذاق خاص

بدوره الكاتب محمد الحفري تحدث عن الشاعر، أنَّه ينحسر في ثيمة واحدة، ثيمة العشق، ومن حقه كعاشق أن يعيد حتى ينجح ويبلغ درجه العاشق، ولن ينجح على كل حال لأنَّ للحب مذاقه الخاص، لا يعرفه إلا من اكتوى بناره وخاض معمعة التجربة ولسعته نيرانها على الأقل، ودروب العشق مرصوفة بالشوق والحجار، وليست ممدودة بالسجاد والحرير ونهاية العشاق تكون بداية لعشق جديد.

يبدأ الشاعر ديوانه من دمشق ككل أديب وفنان وشاعر تريح قلب زوارها وساكنها على حدٍّ سواء، ثم ينتقل مباشرة إلى المشيب ويعود إلى الصبا والنهر كرجوع المشتاق، والمعاتب والباحث عن ذكرياته بالقرب منه، لافتاً إلى أنَّه وجد في كلماته عن الطفولة ينشد بعراها المتينة، وليس كل كاتب يمكنه أن يكون طفلاً، كونها تفيد الكتابة في أمرين أولهما: أنَّ الكاتب بحاجه إلى عين الطفل كي يعبث ويلعب ويخربش، ويجرب.. وثانيهما: قدرته على العشق وترميم أقدم منزول عرف على وجه البسيطة لأنَّنا بحاجة أن نلتفت إليه دائماً، وقدر العاشق أن يحيا في التوهان.

الأمر لا يقتصر على الطفولة لديه فحسب، بل نراه يوزع عشقه في موضوعات شتى إلى درجة يتوحد فيها مع المحبوب، الفرات، الأرض، الأحبة، الأهل، البلاد، والأحزان العميقة الممتدة إلى آخر مدى كما نجده في الكثير من الأمكنة تراودها كلماته، مثل: دمشق، حمص، القدس، الفرات، الرقة.. وغيرها.

وما يشار إليه تلك العناوين الموحية تأخذ القارئ إلى صور كثيرة لا حصر لها ولا عدَّ، ومنها على سبيل المثال “صمت الظلام، مرايا الموج، صلاة الغياب، أنين الذاكرة، أنشودة الغياب” وعلى الرغم من حزنه الطافي الملامس حواف الروح يغزل جديلته من فوقها فوجدت لديه القدرة الكبيرة على التحكم والسخرية وذلك ما يتطابق مع قوله في نص صمت الجوع: “ذبحت كل خراف القبيلة كي لا يقال بخلوا عليه بلحم الكرام وما ذاق رغيفاً طرياً ولكنَّه حتى نام، أفاقوا جميعاً على جوعهم”.

آخر الأخبار
سوريا تشارك في "القمة العالمية للصناعة" بالرياض  حفرة غامضة في درعا تشعل شائعات الذهب.. مديرية الآثار تحسم الجدل وتوضّح الحقيقة داء السكر .. في محاضرة توعوية  استراتيجية المركزي 2026–2030.. بناء قطاع مالي أكثر توازناً وفاعلية سوريا ولبنان.. من الوصاية والهيمنة إلى التنسيق والندية انتشار أمني واجتماع طارئ.. إجراءات في حمص لاحتواء التوترات بعد جريمة زيدل سوريا الجديدة في مرآة الهواجس الأمنية الإسرائيلية من أماكن مغلقة إلى مؤسسات إصلاحية.. معاهد الأحداث تعود إلى الخدمة برؤية جديدة الطاقة الشمسية خارج الرقابة.. الجودة غير مضمونة والأسعار متفاوتة خريطة الترميم المدرسي في سوريا.. 908 مدارس جاهزة وألف أخرى قيد الإنجاز دمشق تستضيف اجتماع لجنة النقل في "الإسكوا" لأول مرة منذ أكثر من 15 عاماً سوق السيولة.. خطوة تدعم الاستقرار النقدي وزارة التربية تحدد مواعيد التسجيل لامتحانات الشهادات العامة لدورة 2026 عودة اللاجئين.. استراتيجية حكومية تعيد بناء الثقة مع الدولة سوريا والتعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية... مسار لا رجعة عنه إعادة تفعيل البعثة السورية لدى منظمة حظر الأسلحة..السفير كتوب لـ"الثورة": دمشق تستعيد زمام المبادرة ... رئيس الأركان الفرنسي يؤكد ضرورة الاستعداد للحرب لبنان وسوريا يتجهان نحو تعاون قضائي مشترك تفعيل البعثة الدائمة.. كيف تطوي سوريا صفحة "الرعب" ومحاسبة مجرمي "الكيميائي"؟ الأردن يعزز التنسيق مع سوريا لمواجهة تحديات إقليمية