الثورة – رانيا حكمت صقر:
في عالم يتطلب أداءً مؤسساتياً مميزاً وفعالية مستمرة، تبرز الثقافة المؤسسية وحب العمل كركيزتين أساسيتين لضمان استمرارية النجاح والتميز.
كيف يمكن للمؤسسات أن ترسخ هذه القيم في بيئة عملها؟ وما الدور الذي تلعبه الكفاءات الإدارية والتخصصات الدقيقة في تحفيز الموظفين ودفع عجلة الإنتاج نحو الأفضل؟
الكاتب والناقد عمر جمعة يشاركنا في صحيفة الثورة رؤاه حول هذا الإطار الحيوي، قائلاً: تبدأ الثقافة المؤسسية دائماً من طبيعة المؤسسة نفسها، سواء كانت تربوية، تعليمية، اقتصادية، اجتماعية أو خدمية، فهي ليست مجرد كلمة تجريدية، بل منظومة إدارية متكاملة تُقنن العمل وتنظّمه لتوجيهه نحو تحقيق الرسالة والأهداف المحددة. ويؤكد جمعة أن هذا النجاح يعتمد بشكل رئيسي على إيلاء الكفاءات العلمية والإدارية الناجحة الاهتمام اللازم، إذ تكون الأدوار واضحة لإعداد استراتيجيات وخطط تخدم الجمهور المستهدف.
وعلى سبيل المثال، يوضح الكاتب دور مؤسسات مثل اتحاد الصحفيين في الدفاع عن حقوق منتسبيها، ووزارة الإعلام كناطق رسمي باسم الدولة، ووزارة الاقتصاد في وضع خطط استثمارية مستدامة، ووزارة الصحة في رعاية المجتمع صحياً.ولتحقيق أدوارها بشكل ناجح، تُعتبر تعزيز ثقافة الانتماء وتحفيز المسؤولين والعاملين فيها على حب العمل من أهم العوامل الفاعلة.
الشخص المناسب في المكان المناسب
تُعتبر ظاهرة التعيين العشوائي أو التكليف غير المدروس من المشكلات التي تواجهها كثير من المؤسسات، خصوصاً في المؤسسات الرسمية والعربية، من هنا، يشير جمعة إلى أهمية ضرورة توظيف الأشخاص الذين يحملون الكفاءة الإدارية والأخلاقية الملائمة للوظائف التي يشغلونها، فلا يكفي أن يكون الطبيب بارعاً في عمله الطبي، بل يجب أن يمتلك شخصية إدارية تؤهله لإدارة مستشفى أو مركز طبي بكفاءة، مع القدرة على مواجهة تحديات الرتابة الإدارية والحدود القانونية التي قد تقيد دوره.
يُشدّد الكاتب على أن ثقافة تكافؤ الفرص لا تأتي إلا من خلال اختبارات دورية وشفافة لكل المتقدمين لشغل الوظائف أو المهمات الإدارية، مع مراعاة تطابق المؤهلات العلمية والتخصصية مع متطلبات العمل، هذه الثقافة تساعد على تعزيز المنافسة الإيجابية، وتحفيز العاملين على الإنجاز، فضلاً عن مكافأة المجدّين وتنبيه المقصّرين، ما يرفع من مستوى الدورة الإنتاجية ويضمن استمرارية التطور داخل المنشأة.
تعزيز حب العمل
لكن النجاح الإداري لا يعني مجرد التخصص العلمي فحسب، بل يتطلب أيضاً تدريباً مستمراً ورفعاً للوعي بأهمية الوظيفة العامة، كما يبرز جمعة، أهمية متابعة المستجدات وأساليب تسريع دورات الإنتاج والحفاظ على الجودة، وهو ما يتجلى في ممارسات البلدان الاقتصادية الكبرى التي تعطي أهمية كبرى لتنمية المهارات الإدارية، فتدريب الكوادر الإدارية يعد جزءاً لا يتجزأ من ضمان استمرارية وجودة الإنتاج ورفد المؤسسة بخبرات متبادلة بين الإدارات المختلفة.
في الختام، تصبح ثقافة الانتماء وحب العمل ركيزتين أساسيتين تمكن المؤسسات من تحقيق أهدافها بكفاءة وفاعلية، بشرط الاهتمام بالعناصر البشرية المناسبة، والاعتماد على الإدارة المتخصصة، وتوفير بيئة عمل محفزة تعزز روح الابتكار والمسؤولية.