“لا تنذكر ولا تنعاد”، بهذه الكلمات ودع المواطن السوري سنة 2020 المتخمة بأوجاعها ومنغصاتها ومفارقاتها الغريبة ـ العجيبة التي لم تأت من فراغ أو عبث أو ضربة حظ كما يعتقد البعض، وإنما من سوء إدارة وتخطيط وتنفيذ العديد من جهات القطاع العام لاستراتيجياتها القصيرة والمتوسطة والبعيدة المدى التي سبق أن رسموا هم بأنفسهم خطوطها العريضة وتفاصيلها الدقيقة، وتسابقوا للإعلان عنها وعنهم بشكل دعائي ـ تسويقي ـ ترويجي، في محاولة مكررة لاستعادة ثقة المواطن شبه المفقودة بهم وبوعودهم وتصريحاتهم التي أقل ما يقل عنها إنها خجولة أو خلبية ليس إلا.
طبعاً، لا أحد يعرف الأسباب ولا الدوافع ولا حتى المبررات أو الموجبات التي تدفع ببعض القائمين على إدارة القطاع العام “ولاسيما الخدمي منها” إلى التفنن في إطلاق الوعود البراقة والتصريحات الطنانة ـ الرنانة، بشكل دوري ومستمر على مسمع ومرأى المواطن، وهم يعرفون كما المواطن، أن جل ما يقومون به ما هو إلا جرعات تخديرية منتهية الصلاحية لا مكان لها في قاموس تعامل وتعاطي المواطن مع هذه الجهات المصرة حتى تاريخه على الابتعاد عن السير على طريق المكاشفة والمصارحة والإعلان عن حقيقة ولا شيء إلا حقيقة الموقف أو الحدث بكل تفاصيله، بعيداً كل البعد عن كل ما يتخيلونه ويتوهمونه من تداعيات “كارثية وفق أضغاث أحلامهم” باتت مكشوفة “ع الآخر” بالنسبة للمواطن.
من هنا .. وللجميع دون استثناء نقول، إن المواطن الذي ذاق ويلات الإرهاب وصمد وقاوم وانتصر خلال سنوات الحرب العشر الأخيرة، مقتنع تماماً بأن مفرزات الحرب أكثر من كارثية، وتداعياتها وأدواتها الشيطانية ولاسيما الاقتصادية منها جهنمية بامتياز، لكنه أيضاً “باصم وبالعشرة” أن هناك تصريحات وممارسات وقرارات استفزازية تتعارض مع الشفافية والوضوح والمصداقية التي أكد عليها سيد الوطن في أكثر من مناسبة، وتزيد أكثر فأكثر في زعزعة الثقة شبه المفقودة مع تلك الجهات “على سبيل الحصر لا المثال” التي يبدو أنها لم تسمع حتى تاريخه أن الاعتراف بالمشكلة هو نصف الحل، وأن محاولة إخفائها والهروب منها ومن مسؤولياتهم، هي عقدة العقدة التي يصعب على المواطن حلها أو فك رموزها وطلاسيمها لا خلال عام 2021 ولا في الأعوام التي ستليها.
الكنز- عامر ياغي