لابد ونحن نعيش عاماً جديداً يحمل من الأمنيات ما يحمله، من الالتفات إلى ما قد خلّفه العام المطوية أيامه من بعض حزن وألم كبير، إن كان على الصعيد الخاص أو على الصعيد العام بأشكاله وتنوع مشاربه ومواقعه، والذي ترك في القلوب حسرة ودمعة حرى ما تزال تحفر مجراها على شهداء قضوا بأيدي الغدر والإرهاب، ليوقعوا بدمائهم الطاهرة صك شهادتهم، وفي الآن نفسه ليطووا صفحة قاتمة جديدة في صحائف الإرهاب.
ولكن وبعيداً عن السوداوية والحزن فقد أضيئت الكثير من الصفحات وأزهرت وروداً ورياحين في ساحات الإبداع والفنون كافة “سينما، مسرح، دراما، معرض، مهرجانات ثقافية وفنية..” والقائمة تطول، ويتصدرها تسليط الضوء على أهمية العناية بأدب الطفل وموهبته والعمل من أجل تهيئته ليكون أطفالنا مشاعل نور تضيء المستقبل وتضفي عليه من روحهم الطامحة أبدا إلى ذرا المجد والخلود.
ولأن الثقافة في مضمونها ومفهومها الأزلي توحد الناس على حب الوطن والانتماء لكل مقوماته، نجد صناع الثقافة يسعون إلى غرس تلك المفاهيم الجمعية للتمسك بموروثنا الحضاري العريق، والدفاع عن انتمائنا الحضاري عبر برامج ثقافية هادفة بوصلتها الأساس الحفاظ على الهوية الثقافية، دون تجاهل التفاعل مع ثقافات الشعوب والانفتاح المبني على الوعي والانتقاء الهادف.
ويحضرني هنا قول مانديلا “لا يوجد بلد يمكن أن يتطور حقاً، ما لم يتم تثقيف مواطنيه” فالثقافة هي حجر الأساس الذي يورق في الأرض اليباب، وهذا يأخذنا إلى مشروع “أرضي ذهب” الذي أطلقته وزارة الثقافة في مبادرة لافتة لإعادة إحياء الأرض، وإعادة بناء ثقة الإنسان بأرضه، لإنبات الخير وإعمار الوطن.
ولطالما كانت سورية بأرضها وشعبها الصامد وثقافتها وقيمها ملهماً لكبار الأدباء والشعراء والرحالة، ما يدعو للفخر والاعتزاز بإرثنا المتجدد تارة، وبالعمل على إعمار الثقافة وتجذيرها في نفوس أبنائها تارات أخرى، وهذا بدوره يلقي بالمسؤولية الكبيرة على صناع الثقافة لبناء صرح ثقافي أصله ثابت وفروعه تطال عنان السماء.
كل عام وثقافتنا هويتنا.. والنصر حليفنا.
رؤية- فاتن أحمد دعبول