انضم الموسيقار إلياس الرحباني إلى لائحة الفنانين الراحلين بوباء كورونا الفتاك، هو الذي قدم مقطوعات موسيقية وألحاناً مميزة، وساهم بإغناء التراث الموسيقي والغنائي اللبناني والعربي، القادر على الاستمرار والتواصل والتجدد والخلود.
كان علامة فارقة في ذاكرتنا الموسيقية الراقية، وساهم في محاربة الانطاط الموسيقي والغنائي الراهن، بمتابعة رسالة شقيقيه عاصي ومنصور الرحباني، بكل اندفاع وحب وعشق مزمن، وبعيداً عن كل المنزلقات والإغراءات، وكان أحد المعلمين القلائل الذين كشفوا أسرار وخفايا توازن النغمات والإيقاعات الشرقية والغربية المنبثقة من ثمرات خبرته التقنية والفنية.
ولقد تميز بتنوع تجاربه الموسيقية وغزارة إنتاجه، ولم يترك صنفاً موسيقياً إلا وخاض غماره ، ووصل من خلال بعض ألحانه إلى حدود منافسة كبار الملحنين، حيث قدم لصباح أكثر من ستين أغنية، من أشهرها: يا حبيب القلب حبيتك، وجينا الدار، ورقصني دخلك يا حبيبي، وميلوا علينا وقالوا عني مجنونة، ووعدوني ونطروني، وهالي دبكة يابا أوف، وغيرها.. ومن أشهر ما لحن لوديع الصافي: يا قمر الدار، وقتلوني عيونا السود، وغيرهما.. ولحن لفيروز طير الورور، وكان عنا طاحون، وحنا السكران، وغيرها.. إضافة لأغاني معروفة لعدد كبير من المطربات والمطربين..
كما سجل بعض الأغاني بصوته (من ضمنها بونجور كوليت).. وجيلنا لا يمكن أن ينسى رائعته ليزا، التي اعتمدت شارة لبرنامج نجوم وأضواء، الذي كانت تقدمه الإعلامية منى كردي، على شاشة التلفزيون السوري وغيرها.
إحساسه الشديد بإيقاعات النغم الموسيقي، على مدى أكثر من نصف قرن، جعله يضع أكثر من ٢٥٠٠ لحن، وهذا رقم خيالي بالنسبة لمؤلف موسيقي.. أغنيات ومعزوفات وموسيقى تصويرية لأفلام ومسلسلات ومسرحيات.. كما كتب كلمات أغاني وألّف مسرحيات وكان مايسترو يقود فرقاً موسيقية، كما قدم ألحاناً لأغنيات بالفرنسية والإنكليزية والإيطالية.. وبذلك كان فناناً شاملاً بتنويعات ألحانه وأنغامه وإيقاعاته..
وكان في تقنياته اللحنية وتأملاته الفردوسية ومعلقاته الموسيقية يضع الخطوط العريضة لأسلوبه الخاص، وهذا يعني أنه انصرف كلياً للفن، واخترق في مرحلته الذهبية الثوابت التقليدية، وساهم إلى حد بعيد في ترسيخ حضور الفن اللبناني على النطاق العربي والعالمي، ليزداد تألقاً وحرارة وحميمية.
رؤية ـ أديب مخزوم