عرّفه البعض بأنه الفن الذي يستنهض الأمم ويدب الحياة في المياه الراكدة، وقال آخرون إنه الوثيقة التاريخية التي تسجل بطولات الفوارس في ميادين القتال، بينما عرفه الشاعر بابلو نيرودا بالقول” الشعر هو سلاحي الوحيد.. ولا أملك سلاحاً غيره”.
ولطالما أخذتنا القصائد الوطنية التي كنا نرددها في صباحات أيامنا المدرسية إلى عالم من الشموخ والفخر ونحن نترقب صدى أصواتنا تجلجل في المكان وتتردد أصداؤه ليعود إلينا بالنشوة والإحساس بأننا ننتمي إلى أمة عصية على الهزيمة، وما كانت تزرعه هذه الأناشيد في نفوسنا من قيم الانتماء والوفاء للوطن، والوفاء للشهداء.
ورغم أن شعر المقاومة ليس حديث الولادة، بل هو متجذر في تاريخنا منذ العصور القديمة، فالشعراء هم الأكثر التصاقاً وتأثراً وتفاعلاً مع قضايا الأمة، ويقفون جنباً إلى جنب مع المقاتلين، سلاحهم الكلمة ومنبرهم ميادين العزة والكرامة، وربما لسلاحهم وقع الرصاص القاتل، ورغم ذلك كله نجد الكثير من الشعراء يهجرونه إلى أنواع أخرى تحكي هموم العاشقين ومايعانون من الفقد والهجران، بينما تستعر نيران الفقد في قلوب الأمهات اللواتي فقدن فلذات أكبادهن ذوداً عن حرية أوطانهم، في زمن نحن أحوج مانكون لجرعات من الأمل والقوة والعزيمة لمتابعة رسالتنا السامية في الصمود ضد غاصب يتلون كأفعى ماكرة في لبوس حمل وديع.
واليوم نبحث عن شعر المقاومة في مناهجنا وعلى منابرنا الثقافية، فلانجد هذا التوقد إلا ماندر، وربما في المهرجانات الدورية والمناسبات الوطنية، فكيف نعلم أولادنا معنى أن يكونوا أحفاد خالد وصلاح الدين والأبطال الميامين، هل يكفي أن نسرد عليهم حكايات أبطالنا كحدث عابر، أم نخلدهم في قصائد تتردد على ألسنتهم، لتكون منهج حياة وسيرة نضال.
فالشعر المقاوم يشكل في مضمونه وثيقة أدبية عالية المستوى، يواكب أيامنا والأحداث الطارئة على بلادنا، ويغوص في تفاصيلها لينقلها عبر الأجيال مشحونة بقيم الشهادة والتضحية، فلماذا لانقيم له المسابقات والمهرجانات، ونفسح له مساحة في أجندتنا الثقافية ليكون نبض الأمة وروحها الخالدة تستحضر التاريخ وتمجد الحاضر.
رؤية- فاتن أحمد دعبول