الملحق الثقافي:د . دريد عوده :
تعيش بلادنا اليوم عصر الانحطاط في مختلف مناحي الحياة: انحطاط حضاري، تفكّك سياسي، تفسّخ اجتماعي.
هذا الانهيار ليس وليد الساعة، هو تراكم قوى التراجع والانحلال عبر القرون، وصولاً إلى الفراغ فالانهيار الدراماتيكي. حال بنياننا المجتمعي حال بناءٍ فُخّخ بقنبلةٍ فراغية، فأطبق على نفسه بضغط خارجي من كل الجهات.
إنه محصّلة ارتهاننا الحضاري. نحن ندفع ثمن خيارات فكرية، دينية، ثقافية وإيديولوجية متراكمة، فخّخت بنياننا من داخله، أفرغته من الهواء، فتقوَّض بضغطٍ هائلٍ من تلك الخيارات الفكرية نفسها، وهي خارجية، غريبة عنّا، لا بل هي نقيضة تكويننا الحضاري والنفسي كمتّحد طبيعي أصيل.
تهجين النقيض بالنقيض
بعض من وقف على الأزمة، عالجها بحلول ترقيعية، بمساوماتٍ وتنازلات وصفقات فكرية، بدافع الخوف أو حب السلطة؛ مساومات زادت من حدَّة الأزمة وسرَّعت، بل شرعنت، الانهيار.
الأفكار تصنع التاريخ والأمم، والأفكار الخاطئة تنتج مجتمعات فاشلة مندثرة، وما المخاطر الخارجية سوى ديناميات تسرِّع الانهيار، ولا يجب الاختباء خلفها لتبرير انهياراتنا.
نحن ندفع اليوم ثمن المساومات على الحقيقة، ثمن نقص الضمير المعرفي. لقد عقدنا، مفكرين وسياسيين، صفقات إيديولوجية مع الفكر الديني المترهِّل. قمنا بتسويات وتنازلات فكرية عقيدية مع المؤسسة الدينية المتهالكة أوصلت إلى توليفات غريبة عجيبة، هزلية هزيلة، كتلك التوليفة الهجينة بين القومية والدين، بين الدولة “المؤسسة السياسية” والدين “المؤسسة الدينية”، علماً أن فكرة الدولة القومية أو الوطنية تنتمي إلى الحداثة قلباً وقالباً، والفكرة الدينية نقيضة للحداثة في حمضها النووي ونخاعها الشوكي: الدولة بمفهومها الحداثي تقوم على المواطنة، شمولية القانون ومدنيته الجامعة، والتعددية، وهي مؤسسة المجتمع العقلانية الجامعة الكبرى. أمّا الفكرة الدينية فتقوم على التابعية المذهبية وفئوية التشريع وحصريته النافية للآخر المختلف، وهي منظومة تمييز وتفريق غيبيِّين فرقويَّين – “الفرقة الناجية”، كما أن الفكر الديني بطبعه وتطبّعه أحادي مهما تجمَّل بمقولات وحدانية الله ووحدة الخلق. والحداثة ترتكز إلى سلطة العقل ونزعة النقد والتجديد، والفكر الديني قائم على سلطة الوحي وسلطان النص وجبروت المقدّس الأزلي.
وهكذا، تحت مسميّات مصالحة التراث والمعاصرة، الأصالة والحداثة، عَلفنا وحش اللاعقلانية، اللامعقول الديني الذي التهمنا: تلك هي القنبلة القَبَلية الفراغية التي زرعتها توليفاتنا الفكرية البهلوانية في مجتمعنا الحضري فتقوَّض، وما الانهيار الحالي إلّا انفجار تلك التوليفات الرديئة: انحطاطنا هو إعلان صارخ عن انتهاء زمن العقل العربي التوليفي.
بين الأنوار والنهضة
يماثل انحطاطنا اليوم انحطاط الغرب عقب العصور المظلمة ومحاكم التفتيش، حيث سُلِّط سيف الغيب على العقول والأعناق، ولم يخرج الغرب من محنة العقل إلّا بخروجه النهائي على سلطة “المقدّس” الذي تمّ تزويجه بسلطة الدنيوي، تزويج عصا الأنبياء بصولجان الأولياء.
وهكذا كان عصر الأنوار خياراً حضارياً وفكرياً حاسماً، لا مهادنة فيه ولا مداهنة، لا مساومة ولا تصافق، لا تهجين ولا تنازلات لسلطة التنزيل.
لقد انحاز الغرب انحيازاً تاماً، ناجزاً، إلى العقل: انزاح كلّياً إليه، وقد توافر لهذا الانزياح القاطع فلاسفة ومفكرون يتمتعون بأعلى فضيلة: الاستقامة الفكرية بحسب تعبير “نيتشه”، الضمير المعرفي كما أسمّيه.
لقد اجتثّ التنوير النظام الثيوقراطي واستبدله بالدولة العلمانية الحديثة، وذلك بعد أن أزاح “عبء القداسة” عن صدر العالم وصدور الناس، إلّا أن إزالة القداسة، والحق يُقال، أوصلت إلى ما يُعرف عند علماء الاجتماع بـ “فقدان السحر” – موت الروح، بل أوصلت إلى مأزق فقدان معنى أرفع للحياة، فقدان الهدف والغاية.
لقد حلَّ التنوير أزمة العقل ومحنته، لكنه أدّى إلى أزمة الروح. حلَّ أزمة الـ “ماذا”، الماهية، ماهية الوجود، لكنه أوصل إلى أزمة الـ “لماذا” و”ماذا بعد”، أزمة معنى الوجود وغاية الحياة.
لقد قضت الأنوار على النور، وأوصلت إلى العدمية: فقدان الغاية.
وهذا ما تصدّى له فلاسفة النهضة: فإذا كانت الحرية البنت الشرعية لزواج الأنوار بالحداثة، فقد وجدت أزمة الغاية والمعنى أعظم تعبير لها عند داعية النهضة “نيتشه”، ابن الأنوار وناسفه في آن: “الحرية لِمَ، وليس ممَّ؟”.
ردّاً على المقدّس العبثي المتوضّئ بالدم، والأنوار العدمية المتعرّية من الغاية والمعنى، دعا مفكّرو النهضة للعودة لِما قبل الحضارة “اليهودية – المسيحية” التي فخّخت الغرب بظلاميتها الدينية: طالبوا بالعودة إلى الحضارة الإغريقية – الرومانية لإعادة الروح إلى عالم الأنوار الفاقد الهدف الأعلى، المفتقر إلى بوصلة ترشد دعوته إلى الإيمان “الأعمى” بالتقدم.
هكذا وضع عصر النهضة روح الحضارة على جدول أعمال مدنية بلا روح، وضُع الهم الحضاري على جدول أعمال العقل.
إن مأزق عصر التنوير، بخاصة أزمة معنى الوجود وغاية الحياة، وردّ فلاسفة النهضة على هذا المأزق بالعودة إلى الروح اليونانية، قد وجدا تعبيرهما الأمثل في صرخة “نيتشه”، ذاك العدمي الناجز والكامل: “أيها الناس إن الله قد مات” (موت المقدّس مع عصر التنوير) والدعوة إلى “طراز جديد من الألوهة” و”إلى قيصر بروح المسيح”: هي دعوة صريحة لاستعادة مقدَّس جديد، مختلف، يؤكد الحياة ويمجِّدها بعكس “المقدّس” الظلامي؛ “مقدَّس” نفي الحياة، مقدَّس الأضاحي – المشاعل البشرية، وصكوك الغفران.
هذا علاوةً على وجودية نهضوية مشرقة في وجه وجودية حداثية معتمة، رمادية في أفضل حال. وهكذا لم يبتعد فكر النهضة عن الواقع، بل بحث عن “الواقع السحري”: الواقع أغنى من العقل بكثير.
وإذا كانت الدولة العلمانية العقلانية القاطعة نهائياً مع “الإلهي المقدَّس” ثمرة الحداثة، فإن القومية التي سمّيها “القومية الميثولوجية أو الروحية”، بخاصة القومية الألمانية، كانت ثمرة فكر النهضة العامل على بعث السحر والروح في عالم حداثوي خالٍ من أي بعد فوق واقعي.
ها هو عالم النفس “كارل غوستاف يونغ”، كاشف العقل الباطن، ينقِّب في ثنايا الوعي (أركيولوجيا العقل) ليصل إلى اللاوعي الفردي والجمعي “النماذج الأولى”، الآلهة والأبطال، المشكِّلة للهوية الروحية المتمايزة للأعراق والجماعات الطبيعية، ثم أعمق فأعمق وصولاً إلى الحقل الروحي الإنساني الواحد، الوجدان البشري الواحد المتمثل بالله، ليؤسِّس يونغ بهذه الأركيولوجيا الفذّة ما سميته “القوميات الميثولوجية” أي روح الأمم.
هل نتبع النموذج الغربي؟..
ما من شك أن منظومة قيمنا، وبالتالي بنية مجتمعاتنا العربية السياسية والاقتصادية والمعرفية، تنتمي إلى ما قبل الحداثة رغم محاولات التحديث منذ منتصف القرن الماضي، إلّا أننا بقينا “مجتمعات ريفية” ما قبل حداثوية بالمعنيين الفكري والسياسي، إذ لم نبنِ على أسس الحداثة الصافية الصلبة، بل قمنا بتلك المواءمات/ السيلوجسمات النظرية الغريبة العجيبة بين المتناقضات: القومية والدين (العروبة والإسلام!)، الماركسية والإسلام (!!)، والأدهى بين الماركسية الأممية والقومية (!!!). وما إن سقطت الماركسية العالمية حتى انهارت أنظمتنا القومية، فعادت القوى الدينية الظلامية التي علفتها أطروحات الجمع بين القومية والدين والتهمت ما تبقّى.
من هنا إلى أين؟. هل نعتمد نموذج التنوير الغربي ردّاً على “العصور الوسطى” التي أدخلنا فيها التكفيريون الظلاميون في القرن الحادي والعشرين، وهذا مؤشِّر آخر إلى الهوة الحضارية التي تفصلنا عن الغرب والعالم؟. هل نستأصل “المقدَّس” بهذا النموذج: “نقتل الله”، نتطور ونغتني مادياً ونتقهقر ونفقر روحياً؟. أم نعتمد، نحن المشرقيين، نموذج النهضة بالعودة إلى شخصيتنا الحضارية ما قبل الدينية فنوائم التطور المادي مع الغنى الروحي، نصالح مدنيَّتنا مع أهداف الحضارة الروحية العليا، فنؤكد، من دون الوقوع في الغيبيات، على معنى الوجود الإنساني فوق المادي، أي البُعد ما بَعد المادي لكن اللاغيبي؟، وما السبيل لئلّا تكون هذه العودة إلى تراثنا الحضاري أطروحة ماضوية؟.
تقودني هذه الأسئلة إلى دعوتين نهضويتين شهدهما المشرق في القرن الماضي: دعوة “أنطون سعادة” السورية القومية الاجتماعية، ودعوة “ميشال شيحا” الفينيقية الشرق أدنوية، ورغم تشابهما الوجودي بالدعوة إلى العودة إلى تراثنا الحضاري والروحي ما قبل الديني كسبيل للنهضة، إلّا أنهما تصادمتا من منطلقات زعماتية وعقائدية ضيقة (!) فلم يستطع “شيحا” مثلاً توسيع بيكاره الفينيقي ليدرك أن الفكرتين الشرق أدنوية والسورية واحدة في جوهرهما المشرقي، وأيضاً في نماذجهما الأولى (أساطير الآلهة والأبطال). كما أن الدعوات العروبية الحداثية اتَّهمتهما بالإقليمية والكيانية على نسق تهمة الشعوبية السالفة (…)، فأسقطتهما بدلاً من التحالف معهما ضد الوحش الأصولي الديني الذي ابتلع لاحقاً فكري النهضة والحداثة معاً: الثور الأبيض، ثم الثور الأسود.
الأدب الملحمي الجديد: الأساطير التأسيسية والهوية الروحية
يتَّصف عصر ما بعد الحداثة بالتشظّي، مع تراجع الدولة وانهيار الإيديولوجيات الوضعية الكبرى كمرجعيتين للقسم
وإذا كانت الشعوب الأخرى قد أنجزت قومياتها وأطرها الدولتية، فإننا في المشرق ندخل هذا العصر بحالة تشظّي ديني وطائفي وإثني وقَبَلي، يعدم أمامنا فرص النهوض بعد أن فوّتنا فرص إنجاز قومياتنا وبناء دولنا.
لا توجد أمم ناجزة في الأساس من دون أساطير أو ميثولوجيا تأسيسية هي بمثابة العقل الباطن الجمعي وخط دفاع، أخير ربما، ضد حالات التشظي والتآكل الاجتماعي.
لذا، وللخروج من الانحطاط الذي نعيشه اليوم بسبب الصراعات الدينية، علينا أن نعود إلى شخصيتنا الحضارية والروحية “ما قبل الدينية”، على غرار النهضة الأوروبية: المطلوب إعادة بناء مجتمعاتنا بالاستناد إلى ميثولوجيات تأسيسية تكون من ناحية مصدر لحمة الشعب، خالقة لاوعي جماعي فوق ديني، وتضفي معنى وغاية على وجودنا وحياتنا الفردية والعامة من ناحية أخرى.
في العام 2009 أطلقت مدرسة نهضوية فكرية هي “الأدب الملحمي الجديد” كدعوة استشرافية تغرف من تراثنا الحضاري الألفي لتكشف هويتنا الروحية فوق الدينية، لتضع ميثولوجيا تأسيسية جامعة في وجه الهويات الدينية التقسيمية “اللاحمة”، فندرك أن النسيج المشرقي واحد، إذا نُسِل منه خيط، كرَّ وفُكَّ.
الأدب الملحمي الجديد أداة أبستمولوجية للتنقيب في طبقات العقل المشرقي وصولاً إلى الروح المشرقية الواحدة. لكنه أدب لا يتوقف عند الماضي، ولا عند حدود المتحد الجغرافي الطبيعي في زمن عولمة نكون فيه عالميين إنسانيين كونيين، وإلّا التحجر في شرانقنا وقواقعنا الماضوية.
هل نكون بهذا قد حمّلنا الأدب أكثر ممّا في وسعه؟.. كلا.. فالأدب الملحمي الجديد تأسيسي، وهو ليس شعراً ووجدانيات بقدر ما هو حياة الشعوب ومداراتها الحالية وشعاعها المستقبلي. هو أدب وفلسفة التاريخ. وهو أدب وفلسفة الميثولوجيا. أي ارتقاء الشعوب من حالٍ روحي إلى آخر، حيث يمثِّل الفكر الميثولوجي الجسر بينهما، والشعاع التوحيدي الخفي الذي يربطهما بما يتعدى وصفات المُنزَل، وتوليفات المؤوَّل، وتكفير المتسامي.
المفكر.. الأديب الملحمي الجديد منقِّب في الآثار كما في طبقات الوعي، وهو مؤرِّخ للحضارة لا مدوِّناً للأحداث ولسيرة القادة التافهين، وعالم “الجغرافيا المقدّسة” ما سمّيها طوبوغرافية العقول والنفوس، علم تضاريس الطبيعة البشرية في نتوءاتها ونكساتها الحضارية، وكذلك هو “لاهوتي روحانيات” وليس لاهوتيا أو فقيه دين معيّن. هو فيلسوف في علم الأديان والحضارات المقارنة، يكشف ما يطمسه اللاهوتي أو الفقيه العادي لغاية في نفس يعقوب، ليؤمِّن تالياً العروة الوثقى بين دين ودين، وحقبة روحية وأخرى، ومن هنا الصيرورة التجديدية لمدرسة الأدب الملحمي الجديد، بعيداً عن كل نزعة ماضوية كسيحة: هي جذوة التاريخ لحاجاتنا الحضارية، حاضراً ومستقبلاً.
المفكر.. الأديب الملحمي الجديد يتحلّى بالموضوعية، بالجرأة الأخلاقية، بالضمير المعرفي، وبالنزاهة العلمية: فالأدب الملحمي الجديد هو علم الحضارات. الأديب هنا كاهن الحقيقة بعقل “ابن خلدون”.
الجرأة المعرفية! نعم، لا يجد الأديب الملحمي الجديد حرجاً ولا يعتريه خوف من القول إن طوفان نوح هو الطوفان البابلي وكاهنه “إتنابيشتيم”. والألواح الموسوية “المنزلة” هي شريعة حمورابي المنقوشة بيد بشرية، والإله أدون الصخرة في التوراة هو أدونيس الفينيقي – تموز السوري. والسلام المريمي هو سلام ميريام أم أدونيس، والمسيح الآرامي الذي لا نزال نتكلم لغته في بلاد سوريا، هو استمرار للأدونيسية، والأفخارستيا المسيحية هي أفخارستيا ملكيصادق الكنعاني، والقرآن جذوره سريانية آرامية، والقراءة السريانية “لغوياً” له قد تفسح المجال لقراءة فكرية وروحية مختلفة، سَمِحة، وتكشف معاني “المحكمات” أم الكتاب.
والأدب الملحمي الجديد جسرٌ بين الحضارات، هو ابن الجغرافية الطبيعية لكنه أيضاً جغرافية الأزمنة: هو راسم درب الروح المشرقية في العالم، يبثّها في أضلع عالم بات بلا قلب وروح.
فالفيلسوف – الأديب الملحمي الجديد هو هذا الزينون المشرقي الجديد على خطى زينون الفينيقي، مؤسس المدرسة الرواقية التي وجد مفكرو النهضة الأوروبية في أخلاقياتها الطبيعية المؤكدة الحياة معنى سامياً، ما بَعد مادي، للوجود، بل وجدوا في مقولة زينون إن الله هو الكون، معنى أسمى غرسه الفيلسوف في قلب الوجود، في قلب المادة نفسها.
إنها مهمة التأسيس الحضاري الصلب للخروج من عصر الانحطاط بدلاً من الانحياز إلى أحد أطراف الصراع الديني، معسكرات الانحطاط نفسه لكن بجبّة مختلفة… وما في الجبّة إلّا الانحطاط.
لقد سرق عدونا أساطيرنا وبنى عليها كيانه المصطنع، فمتى نستعيدها لنبني عليها كياننا الأصيل..!
الميثولوجيا نسغ حياة الشعوب وديمومة الأمم: لقد قسّم الجدار برلين، لكنه لم يقوَ على تمزيق الروح الجرمانية الأصيلة.
فهل نعود إلى ميثولوجياتنا بنزعة تأسيسية، أم نعلي جدار صين أو حائط مبكى بيننا؟!. أسئلة برسم غير التوليفيين…
مفكر وأديب لبناني مقيم في نيويورك
التاريخ: الثلاثاء12-1-2021
رقم العدد :1028