بحركة لا إرادية مفاجئة تهزّ رأسها سريعاً كمَن ينفض عنه ما علق به من وسوسات أفكار.. أرادت التخلص منها..
تُعيد تلك الحركة كأنها توقظ نفسها من حلمٍ سيئ.. معتقدةً أنها طوت صفحة الأفكار البشعة.. وانتقلت سريعاً إلى شيء آخر يجلب لها البهجة..
تقلّبْ في ذاكرتها كل ما فعلته مؤخراً، وما فعله مَن حولها.. ما شاهدتْه وسمعتْ به.. أو قراءتْه.. بحثاً عن ملمح بهجة.. أي شيء حتى لو كان موقفاً سطحياً..
يبدو أن مجرد الإحساس بالبهجة غدا مطلباً عسيراً..
كلعبة الدومينو، ينهال سيل الأفكار في رأسها مجدداً.. كم تتوق أن تستطيع تفريغ ذهنها من حمولته الزائدة.. من تفكير لا يتوقف..
يزعجها أن تمضي نهاراً فارغاً من فعل أي شيء، بينما يسعدُها أن تجد الفراغ سيد الموقف في حيز دماغها..
ما يشغلها خلقُ نوعٍ من التوازن بين هذه وتلك.. فلا إلهاب العيش تفكيراً.. ولا برودة الفكر عيشاً..
لابأسَ من أن تحرّف قاعدة بيتر سلوتردايك لتصبح: العيش بقليل من حرارة والتفكير بقليل من برودة..
ولتحيا شيئاً من تلك الحرارة، تنتهك كل المحاذير والمخاوف التي يزرعها وضع صحي لئيم في دربها.. تمضي إلى ما وراء العتبة..
إذ دائماً من آمنت أن الحياة تكمن ما وراء العتبة..
تنطلق.. ترفع رأسها تتأمّل السماء.. وتتنفس بعمق.. الهواء يملأ رئتيها.. وهي خفيفة كما لم تكن يوماً..
وكلّما انتهكت مخاوفها أكثر كلّما أحسّت بالخفّة أكثر..
الكثير من المستحيلات باتت تغلّف لحظاتها..
لابأس.. ها هي كلمات آلان باديو تنتشلها من سوء أفكارها، حين يعرّف السعادة الحقيقية قائلاً: “إن السعاة هي دوماً متعة المستحيل”..
من الآن.. ستصبح غايتها رفع سقف تحدّياتها.. مناوشة تلك المستحيلات أكثر.. واختراق اللاممكن أكثر وأكثر..
ستطبّق وصفة “باديو” في الوفاء لفكرة المستحيل..
ستصبح وفيةً لذاك المستحيل بمعناه في مطاولة السعادة.
رؤية – لميس علي