تحفل أروقة وأوراق وزارة المالية بمختلف أنواع اللجان، والتي تعقد مختلف أنواع الاجتماعات وتخرج بمختلف أنواع الآراء حول توليفة شديدة التنوع من الأمور.. طبعاً هذا ما يرشح إلينا من أخبار.. أما على أرض الواقع فمن يفترض بهم دفع الضريبة نسمع أنهم رافضون ومصممون وكوادر المالية عنهم ذاهلون.
مؤخراً قررت المالية دراسة النظام الضريبي ومراجعة التشريعات الضريبية النافذة، ليس ذلك فقط، بل اقتراح التعديلات عليها، وهي خطوة رائعة وتستحق التأمل، في وقت تحفل فيه أسواقنا بالفعاليات الرابحة غير الدافعة للضريبة، وهي ناحية تتحمل تلك الفعاليات عنها الناحية الأخلاقية فقط، أما ناحية التقصير في أداء العمل وتحصيل الضريبة فتتحملها الدوائر المالية.
لعل المنطق يقول بإلزام كوادر المالية بإلزام الفعاليات غير المسددة للضريبة بتسديدها للخزينة العامة للدولة قبل الحديث عن تطوير النظام الضريبي، حتى لا يكون الحديث عن هذا التطوير نوع من الهروب إلى الأمام، وبعبارة أخرى: كيف لنا أن نقرر أن النظام الضريبي يحتاج إلى تطوير -أي أنه لا يؤدي الغاية منه- في وقت لم ننفذ نحن أنفسنا ما جاء فيه، ولم نطبّق نصوصه لأسباب مجهولة..
ذلك كله ونأتي لاحقاً لنقول: تطوير النظام الضريبي والتشريعات الضريبية..!!
يوم أُحدث مفهوم الشجرة الضريبية كانت الغاية منها الإيضاح أن الشريحة المقدرة نسبتها بنحو 20% من المجتمع تنهض بمهمة 80% من الضريبة المسددة على اعتبارها الأقوى ملاءة مالية والأكثر متانة مادية، أما اليوم فالمسألة معكوسة، فالموظف يدفع ضريبته قبل القبض والفعاليات الفقيرة وسواها تدفعها كذلك، أما الفعاليات “”الدسمة” والأطباء والمولات وبعض المشافي الخاصة فلم نسمع عن تكاليفهم، مع الثقة بأنها مخجلة..!!
نسمع كثيراً عن محل بقّال أو سمّان تعرض لضبط ضريبي، ولكننا لم نسمع عن مستودع يحتكر مئات أطنان المواد الغذائية تعرض لمثل ذلك.. كما نسمع عن حاجة المواطن لبراءة الذمة من المالية أينما اتجه، ولكن لا نسمع عن مقترض بالمليارات اضطر لها، أو تاجر من الفئة الأولى توقفت معاملاته لغيابها..
فلتطور المالية النظم الضريبية كما تشاء، ولتعدّلها ما بدا لها التعديل، ولكن قبلها لتطبق نصوص القوانين الضريبية على من يجب تطبيقها عليهم، حتى تعرف على الأقل موطن الضعف والقوة فيها وعليها يتم التعديل..
الكنز- مازن جلال خيربك