تردي الواقع الخدمي، سوء الخدمات، صرف صحي، نقل، طرق، هاتف، مياه شرب، وغيرها، باتت اليوم عبارة تتشارك فيها معظم الأرياف والمناطق والمدن في مختلف المحافظات، وهي مسألة تعيدنا للحديث عن الدور المفقود لجهات الإدارة المحلية والدوائر المعنية في تلك القرى والمناطق، وربما تذكرنا بالجهود التي تبذلها بعض تلك الدوائر في المتابعة والمطالبة بالمعالجة، دون أن تلقى استجابات حقيقية من الجهات الأعلى صاحبة القرار.
ففي قرية هنا يضطر الأهالي للسير مسافة قد تصل لبضعة كيلو مترات للوصول إلى وسيلة نقل تقلهم إلى أعمالهم ومدارسهم وجامعاتهم، وهناك من ينتظر أن تصله شبكة مياه الشرب أسوة ببقية المنازل، وفي منطقة أخرى يواجه الأهالي مشكلة عدم تعبيد الطريق الرئيسي منذ سنوات، بالوقت الذي ينتظر سكان قرية أخرى أن تلتفت الجهات المعنية لإعادة تأهيل شبكة الصرف الصحي التي تعرضت للاهتراء ومثلها الكثير..
ويحتاج أهالي إحدى القرى للنظر بواقع المدرسة الابتدائية في قريتهم ويطالبون بإقامة نقطة طبية أو مركز صحي في ظل غياب الخدمات الصحية عنهم، وبعدهم عشرات الكيلو مترات عن أقرب مستوصف.
وتطول القائمة لتشمل مطالب بتأمين الخبز لعدم توفر فرن، والغاز المنزلي لكون قريتهم ليس فيها معتمد غاز، ومشكلة الهاتف الأرضي الذي تغيب حرارته لأشهر دون أن يكون هناك إمكانية للاستفادة من خدماته و…
طيف واسع من الخدمات الغائبة عن الكثير من القرى والمناطق والمدن وحتى في مراكز المحافظات، بحيث لا يكاد يخلو حي من معاناة هنا أو متاعب هناك، تنعكس بشكل مباشر على الأهالي والمواطنين بما يرخي بأعباء ثقيلة على كواهلهم، ويرتب مزيداً من الضغوط المادية والنفسية وتأخيراً بالعمل وبعثرة في الأداء وتشتيتاً لجهودهم التي كان من المفروض أن تنصب في مجالات الإنتاج بمختلف أشكاله.
واللافت هنا أن الجواب الأكثر تداولاً بعد سماع أية مشكلة أو المطالبة بمعالجة واحدة من تلك الصعوبات، هي (لا تتوفر الاعتمادات اللازمة)، فكما قلنا هناك من يطالب ويتابع ويوجه الخطابات والكتب الرسمية للمكاتب التنفيذية في المحافظات ولرؤساء البلديات ورؤساء مجالس المدن، لكن معظم مطالبهم تأتي مذيلة بهذه العبارة..!!
فإذا لم تكن هناك اعتمادات متوفرة لمعالجة مشكلات الواقع الخدمي في الوحدات الإدارية، فلمن إذاً ترصد كل تلك الاعتمادات؟.
حديث الناس – محمود ديبو