هل ينجح بايدن باحتواء سياسة الفشل الأميركية؟

في خطابه الأول حول ماهية السياسة الخارجية لإدارته، أراد الرئيس الأميركي جو بايدن تقديم صورة مغايرة عن النهج المخرب الذي سار عليه سلفه ترامب، بدافع ما سماه استعادة المكانة القيادية لأميركا ومصداقيتها وسلطتها “الأخلاقية”، زاعماً أنه سيعتمد منهج الدبلوماسية في العلاقات الدولية، وهذا يفترض بطبيعة الحال أن تحل لغة الحوار والتفاهم مكان لغة القوة الغاشمة المتغطرسة، ويفترض أيضاً الابتعاد عن سياسة إشعال الحروب، وإثارة النزاعات الدولية، والتدخل السافر في شؤون الدول الأخرى، وفي الواقع أن مثل هذه الأمور لا يمكن أن تتخلى عنها الولايات المتحدة، ولا نظن أن أحداً في العالم يمكن أن يثق بالسياسة الأميركية، أو بكلام أي رئيس جديد للبيت الأبيض، فدائماً أفعالهم تناقض تماماً أقوالهم.
واضح من خطاب بايدن أن إدارته تسعى في هذه المرحلة لاحتواء الفشل الذي منيت به السياسة الأميركية ومشاريعها الاستعمارية على الكثير من الجبهات الدولية، فدعوته إلى وقف الحرب العدوانية على اليمن، وإعلانه إنهاء دعم بلاده للنظام السعودي في هذه الحرب، والتوقف عن بيعه للأسلحة الأميركية التي تفتك بالشعب اليمني، ليس سببها كما قال “الكارثة الإنسانية والاستراتيجية” التي حلت بهذا البلد، وإنما فشل المخطط الأميركي بإخضاع المقاومة في اليمن، فالحرب كانت بقرار أميركي بعهد أوباما، والنظام السعودي كان مجرد منفذ لهذا القرار، ودعوته تلك هي وصفة أيضاً لانتشال مملكة الرمال من مستنقع غرقها، فهي تبقى في النهاية محمية أميركية ومن مصلحة الولايات المتحدة الحفاظ على أمنها لتتمكن من تأدية أدوارها المطلوبة أميركياً في المنطقة.
رغم أن الرئيس الأميركي لم يتحدث في خطابه عن الاتفاق النووي مع إيران، ولكنه أعطى إشارات سابقة عن نيته في العودة للاتفاق، وهذا أيضاً ليس مرده إعادة المصداقية للبيت الأبيض -لاسيما أنه ربط العودة بشروط مسبقة- وإنما هو الفشل الذريع الذي منيت به المخططات الأميركية تجاه إيران على الرغم من سلسلة الضغوط القصوى التي وصلت إلى ذروتها بعهد الإدارة السابقة، فلو حقق ترامب مبتغاه العسكري والسياسي من انتهاك الاتفاق النووي، لما فكر بايدن بالعودة إلى ذكره والحديث عنه، ولو كان متيقناً بأن استمرار تلك الضغوط ستلوي ذراع الجمهورية الإسلامية لكان بنى عليها واستكملها، وجنوحه نحو العودة للاتفاق هو من باب إعطاء مساحة أمان لقوات بلاده المنتشرة في طول المنطقة وعرضها.
حالة الفشل المتراكمة في السياسة الأميركية، هي ما تجبر الإدارة الجديدة على التفكير بإعادة مقارباتها تجاه العديد من الملفات الدولية، ولكن مسألة انتهاج الدبلوماسية كما زعم بايدن هي أمر مشكوك فيه، هو على سبيل المثال لم يتطرق للحرب الإرهابية على سورية، ولكن عدداً من المسؤولين، بينهم جيفري فيلتمان وروبرت فورد كانوا قد تولوا مهمة الاعتراف بفشل السياسة الأميركية في سورية لإعفائه من الحرج، فهل يمتثل لنصائحهم؟ وكذلك لم نجد معنى للدبلوماسية التي تحدث عنها أثناء هجومه العدائي على روسيا والصين، وعزمه على بناء ما سماها تحالفات جديدة للتصدي لهما، فأين هي الدبلوماسية من ذلك؟
قبل أيام قليلة وجهت روسيا دعوة لدول العالم (للابتعاد عن سياسة الابتزاز الدولي والانتقال إلى نظام الحوار)، وهذه الدعوة من دون شك موجهة في المقام الأول للولايات المتحدة والدول الأوروبية التي تسير في ركبها المدمر للعلاقات الدولية، وهي تعد بمنزلة تقديم النصح للإدارة الأميركية الجديدة، وتذكيرها بفشل سياسة الضغوط القصوى التي لا تزال تمارسها واشنطن بحق الدول المناهضة لسياساتها، وبحال أراد بايدن إقناع العالم بمصداقية الصورة “العقلانية” التي يحاول تقديم نفسه من خلالها، فعليه قراءة الدعوة الروسية بجدية كبيرة، لأن سياسة الحوار العقلاني تفضي لنتائج مثمرة تعيد الاستقرار للأوضاع المتوترة على الساحة العالمية، وتصحح مسار العلاقات الدولية على قاعدة الاحترام المتبادل، والحفاظ على سيادة الدول ومصالحها، فيما الاستمرار بسياسة التصعيد وإشعال الحروب، ستولد المزيد من الأزمات، وتزيد حدة المخاطر المهددة للسلم والأمن الدوليين.

نبض الحدث- بقلم أمين التحرير ناصر منذر

آخر الأخبار
السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة