سياسات الولايات المتحدة الأميركية تجاه قضايا منطقتنا والعالم لا تتبدل بتبدل ساكني البيت الأبيض، ولا بتغيير أسمائهم وألوانهم، فإذا كان الرئيس “جمهورياً” ونفذ الأجندات الاستعمارية للحكومة العميقة في واشنطن، فإن الرئيس القادم من الحزب الديمقراطي سيتابع المهمة ذاتها، وإن اختلفت الصورة وتبدلت الأساليب والوسائل، ولنا فيما جرى بين ما فعله “الجمهوري” دونالد ترامب خلال ولايته وما يفعله “الديمقراطي” جو بايدن اليوم تجاه منطقتنا، وتحديداً حيال سورية، خير مثال وشاهد.
فمنذ اليوم الأول لتسلم بايدن رئاسة أميركا وحتى اليوم لم نسمع من فريقه إلا دس السم في عسل التصريحات، وكأنهم يريدون إتمام كل أشكال الحصار والعدوان والإرهاب التي بدأها أوباما وأكملها ترامب، وتحقيق أجنداتهم الاستعمارية، من خلال تصريحات غامضة ومتناقضة وتحمل بين سطورها المنمقة رياح الإرهاب والعدوان.
فكي تواصل إدارة بايدن حصارها للشعب السوري فإنها توعز لأدواتها ممن تسميهم واشنطن “معارضين ومثقفين سوريين” ليصدروا بياناً يطالبون فيه بتشديد إرهاب “قيصر” على الشعب السوري، ثم يتلقفه البيت الأبيض ويشرع بالنفخ في أكاذيبه وتضليله، ويحاول اتخاذه ذريعة لمزيد من خطوات تجويع السوريين تحت ذرائع واهية، وتبدأ المسرحية من داخل الكونغرس لإصدار ما يسمى “قانوناً” جديداً على غرار “قيصر” الإرهابي، ويطلقون عليه “بربندي” لمنع كسر العقوبات الأميركية المفروضة على السوريين منذ سنوات، والتي حرمتهم الغذاء والدواء.
خطوات بايدن إذاً مستنسخة عن خطوات أسلافه أمثال أوباما وترامب، ما يشي بأن مهمة استمرار العدوان والحصار على سورية مستمرة رغم كل التصريحات المتناقضة الصادرة عن فورد وغيره من المسؤولين الأميركيين، والتي تدعي ضرورة الذهاب إلى مقاربة جديدة لما يجري، ولم ير العالم منها سوى الأكاذيب.
وهناك مثال آخر صارخ عن هذه السياسة المراوغة، فالبنتاغون يزعم أنه يريد إنهاء ما سماه “مسؤولية قواته المحتلة عن حماية المنشآت النفطية السورية”، وأن هدفها هو فقط محاربة داعش، في حين نرى أن كل الخطوات على أرض الواقع تشير إلى الاستمرار بسرقة النفط والثروات ودعم التنظيم المتطرف ليس إلا.
قصارى القول: تقتل أميركا شعبنا وتسرقه وتحاصره بيد بايدن وبيد ترامب، لا فرق، فالمهم بالنسبة لها تحقيق أجنداتها الاستعمارية، وهي غالباً ما تأتي تحت عباءة حماية حقوق الإنسان، وتعتدي تحت راية تقديم المساعدات الإنسانية، وتغزو وتحتل تحت مسميات القضاء على الإرهاب ونشر الحريات المزعومة، لكن ما لم يدركه مسؤولوها حتى الآن أن السوريين قادرون على طي حصارهم وإرهابهم، ولهم في السنوات الأخيرة أكثر من شاهد، فلا إرهاب “قيصر” جعلهم يستسلمون للمشيئة الأميركية ولا “بربندي” سيخترق معادلتهم الوطنية..
البقعة الساخنة – بقلم مدير التحرير أحمد حمادة