قيل في الماضي: إن “التجارة شطارة” تعبيراً عن قدرة البائع على إقناع الزبون بالشراء من بضائعه، لكن هذه المقولة على مايبدو باتت هي المبدأ الذي ينتهجه معظم تجارنا لاستغلال الظروف الحالية وجني أكبر قدر ممكن من المال على حساب المواطن الذي بالكاد يستطيع تأمين قوت يومه.
ويندرج تحت هذه المقولة ابتداع أساليب متنوعة من الغش والتدليس تطال مختلف أنواع السلع والبضائع في مقدمتها المواد الغذائية بكل أنواعها الذي استشرى في الآونة الأخيرة، واستفحل بالترافق مع الارتفاع الفاحش في الأسعار وأصبح ظاهرة تؤرق المواطنين وتقض مضجعهم.
فالغش الذي يبدو جلياً في تصنيع بعض المواد الغذائية كالمربيات التي غلب عليها طعم السكر دوناً عن باقي المكونات الأخرى، أو “القضامة ” التي تضاف إلى مادة البن بدلاً من الهيل؛ قد لا يبدو بهذا الوضوح في تصنيع المنتجات الأخرى كالمرتديلا مثلاً أو في طريقة حفظها أو خلطها بمواد منتهية الصلاحية أو فاسدة مما يهدد صحة وربما حياة من يستهلكها، وهنا مكمن الخطورة!.
وفي ظل الفوضى التي تشهدها الأسواق وغياب الرقابة لم تعد أسعار السلع والمنتجات بالضرورة تتناسب مع جودتها، ففي الماضي من أراد أن يحصل على سلعة جيدة عليه أن يدفع مبلغاً يتناسب مع جودتها، وإن كان مرتفعاً، أما اليوم ومع الارتفاع الفاحش في أسعار السلع والبضائع على اختلاف أنواعها لم يعد هناك وجود لسلع رخيصة الثمن من ناحية، كما أن دفع المبالغ الباهظة لايعني الحصول على منتجات بجودة عالية.
توعدت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك مراراً وتكراراً كل منشأة صناعية أو غذائية تقوم بعمليات الغش والتزوير وطرح منتجات غير مطابقة للمواصفات والمقاييس ومعايير الجودة بالتصدي لها بحزم، معتبرة سلامة المواطنين والحفاظ على صحتهم خطاً أحمر لا يمكن المساس به، ولا بد لها اليوم من التشدد أكثر من أي وقت مضى مع باقي الجهات المعنية في تطبيق الحد الأقصى من العقوبات التي تضمنها قانون سلامة الغذاء، وعدم التساهل في منح التراخيص للمعامل التي تقوم بتصنيع منتجات غير مطابقة للمواصفات، وتشديد الرقابة الصحية على الأغذية لضمان غذاء سليم للمواطن، وأخيراً الإفصاح عن الأسماء التجارية لهذه المنتجات وإعلان أسماء مصنعيها لتشكل رادعاً قوياً لهم من ناحية، وتوعية للمواطنين بتجنب شراء هذه المنتجات من ناحية أخرى.
حديث الناس_ هنادة سمير