بالرغم من المآسي والويلات والكورونا، تكتنز برامج المراكز الثقافية بالنشاطات الفنية والأدبية، حتى أن بعض المراكز باتت تخصص يومين فقط لبعض المعارض بدلاً من أسبوع، بسبب تدفق المعارض الجماعية والفردية، وهذا ما حدث لمعرض (فن وإبداعات للحياة) الذي أقيم في ثقافي كفرسوسة الأسبوع الماضي، ما يعني أن الثقافة هي الحياة.
وحين يترافق المعرض مع إقامة أمسيات موسيقية وغنائية وشعرية وقصصية ومسرحية وغيرها، فهذا يؤكد عمق وحيوية العلاقة المتبادلة والمتداخلة بين الفن والأدب، فالإيقاع الخطي واللوني، وعلاقة الكتلة بالفراغ، وانسيابية النغم الموسيقي، والصوت الغنائي، والأداء الشعري والأدبي وغيرها تعطي الجمهور المتذوق فسحة من الراحة وتجعل الحياة أقل عنفاً، وأكثر رومانسية.
والمعروف أن جذور دمج مختلف الفنون تعود إلى تجارب بيتهوفن الذي تمنى لو كان للموسيقى قدرة الكلمة في التعبير عن أعماله، وهذا ما دفعه إلى الاستنجاد بقصيدة شيلر في سمفونيته التاسعة، وتمنى فاجنر لو أن الصوت يستطيع أن يوحي باللون أو يستطيع اللون أن يوحي بالصوت.
ثم ظهرت محاولات دمج الفن الموسيقي مع الفن التشكيلي مع تجارب كاندينسكي وبول كلي كمنطلق متماسك مع هواجس التعبير عن إيقاعات وحيوية موسيقا اللون وتقاسيمه المرئية المسموعة بالعين، وميدان الحداثة الابتكارية ما لبث أن اتسع كثيراً وأصبح يستعين كل فن بمعطيات فن آخر، فامتزج الشعر بالموسيقى، والمسرح بالسينما، والقصة بالقصيدة، والرسم بالنحت.
هكذا اطلقت الفعاليات الثقافية والفنية المتواصلة، في مستوياتها المتفاوتة، خطوات ثقافية تبادلية، وأبرزت مواقف الفنان الجمالية، المنتمية لثقافة فنون العصر. وجاءت كردة فعل ضد السنوات الرمادية. المعاشة في عمق حياتنا اليومية المعاصرة، وهي في الغالب تقام، بمشاركة فنانين مخضرمين وشباب، وتنمي الإحساس بأهمية الحوار الفني والثقافي بين الأجيال، وتعمل على تطوير التجارب الفردية، وتساهم في تجاوز مشكلة التقوقع، في إطار الفن الاستهلاكي والمتداول والمألوف، ومعظم الأعمال تنحاز بشكل واضح نحو التبسيط والاختصار، لإبراز تداعيات الحركة الداخلية الانفعالية والعاطفية عبر معطيات اللمسة اللونية العفوية، التي يبحث من خلالها الفنان عن خصوصية فنية وتشكيلية مميزة.
رؤية- أديب مخزوم