يبدو أن قدما سيد البيت الأبيض الجديد العجوز جو بايدن لم تقدرا أن تحمله للسير في طريق سياسي جديد في الشرق الأوسط، وربما دروب الورق التي رسمها تخالف جذرياً تلك الدروب الفعلية المسموح له السير بها فالعجوز بايدن الذي استهل ولايته الرئاسية بالحديث عن سلسلة من القرارات كانت في مجملها (ظاهراً) بعيدة عن طريق سلفه دونالد ترامب، لكنها في الواقع لم تتجاوز حد المنابر والورق الذي قرأ منه ليثبت لاحقا وبشكل أسرع مما هو متوقع أنه لا يستطيع شق عصا الطاعة للسيد الصهيوني والخروج عن سياسة أميركا الاستعمارية والعدوانية تجاه الغير.
بين ما نطق به لسان بايدن، وما ساقت إليه قدماه من أفعال عدوانية مؤخراً في دير الزور، يبدو أن الرجل يسير على ذات دروب أسلافه في سورية، مع فارق تغيير المعطيات وانقلاب موازين القوى وخرائط السيطرة الميدانية، فميدان اليوم ليس ذاته كما كان قبل أربع أو ثماني سنوات خلت، واتساع جبهة دول محور المقاومة حالياً ليس كما كان سابقا، فهو اليوم أكبر انتشاراً وأكثر قوة وأشد صلابة وممارسة وخبرة، وكل ذلك يشي بأن خطوات بايدن اللاحقة في سورية أو المنطقة سوف تكون خطا متهالكة على دروب عجز أي من أسلافه الذهاب عليها بعيدا.
لا نبالغ إن قلنا إن العدوان الأميركي على مناطق في دير الزور والذي جاء بقرار وتوجيه من بايدن مؤشر في جانب كبير منه على انكسار ما في مخطط واشنطن في المنطقة، ربما لهزيمة في الملف النووي الإيراني، أو لعدم استقرار قواته المحتلة في العراق، وربما عجزه عن كسب انتصار حاسم في سورية ودنوه من هزيمة محتملة.
فإدارة بايدن والتي حاولت شرعنة العدوان عبر غطاء التعاون مع حلفاء لها في العراق باء بالفشل مع نفي العراق المزاعم الأميركية، وهو محاولة لإزاحة أيّ عائق أمام مشروعها في السيطرة على المنطقة الحدودية بين سورية والعراق، وأمام نقل مرتزقتها الإرهابيين من الحسكة إلى قاعدتها غير الشرعية في التنف، لعزل سورية وخنق الشعب السوري أكثر فأكثر، خاصة مع قرب استحقاقات حساسة يظن الأميركي بأفعاله العدوانية تلك وزيادة الضغط الاقتصادي على السوريين أنه يستطيع تغيير شيء من معادلة الداخل الثابتة.
لم يستطع العجوز بايدن تقمص دور الحمل وحمامة السلام طويلا، فسقطت سريعاً جميع أكاذيبه وأقنعته كاشفة من خلفها كل من وجه ترامب وأوباما، وجمع أوجه رؤساء الولايات المتحدة ليكون وجه حاكم أميركا واحد وإن اختلفت الملامح وتغيرت الأسماء.
حدث وتعليق- منذر عيد
Moon.eid70@gmaik.com