مشيمة الحبر

الثورة أون لاين – يمن سليمان عباس:

هل سمعتم ببيت من حبر أركانه بني قطرة قطرة، يوماً تلو الآخر صارت منزلاً يألفه الفتى ولا يطيق أن يفارقه ولو لساعة واحدة؟؟؟؟
كيف لا وقد سمعنا أن قارورة العطر كانت بيت الشاعر نزار قباني وهل الحبر غير عطر الروح؟؟؟
اليوم أكملت أربعين عاماً في مدار العمل الصحفي يصلني قرار إنهاء العمل لبلوغي الستين وما أروعه من عمر ينسرب أمامي
أما حكاية بيت الحبر هذا الذي صار نبضاً وكوناً لا حدود لابعاده فهي طويلة طويلة..
وكيف يختزل المرء أربعين عاماً بمقال .. ولكن لا بأس لا يمكن أن يعبر هذا اليوم دون أن احتفي به نهاية جميلة وخبرة أعتز أني أخذتها من زملاء العمل… أما كيف بني هذا البيت فقد كان ذلك في صيف قائظ حين أتيت دمشق لدراسة الأدب الفرنسي وفي السنة الأولى كانت يد عمي محمد رجب عباس الحانية أمسكت بي إلى بناء يشمخ رويداً رويداً إنها مؤسسة الوحدة جريدة الثورة فكان إمضاء الحبر الأول توقيع طلب العمل بيد الأستاذ محمد خير الوادي مع بداية تسلمه الإدارة… بداية لا بد أن تكون في مطبخ الإعلام أن تقرأ أن تتدرب أن تنغمس في ميدان الخير الذي تغلغل إلى الشرايين لم يكن الأمر بهذا التطور التقني الذي نعيشه اليوم.
كل يوم تتعطر يداك بالحبر تمسك ملفاً من التنضيد ولا بد أن زميلاً آخر عليه أن يتابع معك وأنت تصحح … حبر التصحيح الذي استضافني ست سنوات ونيف بصحبة زملاء هم أعلام في اللغة والنحو .. حسن قريب .. صلاح الدين الزعبلاوي .. دعد عيسى …وغيرهم كثيرون
في هذا المطبخ الإعلامي اختمرت التجربة بعض الشيء وكان لا بد من تجربة الكتابة في الصحيفة .. والبداية مع الترجمة التي كان يشرف عليها باقتدار الزميل الراحل وليم مسوح .. تشعر بالزهو لسنوات حين تتذكر كيف كان وقع اسمك في صحيفة تاريخها العطاء والتنوير.. ومع عبق الحبر تزداد إصراراً على أن تكون قريباً أكثر فأكثر من الورق .. ومع اكتمال البناء بعد عدة سنوات تم التدشين وبدأت رحلة ثانية في أرجاء صحيفة الثورة من التصحيح والترجمة ليستقر الأمر في الرقابة الشعبية..
في الرقابة الشعبية حيث آمال وآلام الناس همومهم تعرف معنى أن يكون الإعلام صوتاً عالياً.. رقابة ضمير وقدرة على أن تحقق ما يحلم به صاحب شكوى مخقة … يستجيب المسؤول عنها .. وتعرف كيف يتربص بك من يشدك بأي طريقة إلى قاعة المحكمة وأنت لا تعرف لماذا … لكنها ضريبة الحبر .. مشيمة أن تكون ابن صحيفة الثورة التي غدت معلماً في مسيرة البناء وازدادت شموخاً وها هي اليوم علامة فارقة في العمل الإعلامي راكمت تجربة نصف قرن ونيف والعين على المزيد المزيد من العمل…

في زحمة العمل لا يمكن أن أنسى وجوهاً من حبر الحياة كانت رفيقة الدرب والعمل بعضهم قضى ومضى وكثيرون تركوا آثاراً في المشهد الإعلامي… يوسف المحمود حيدر علي… محمد محلا.. طالب أبو عابد هاني الخير.. ديانا جبور نهلة كامل وكثيرين آخرين ها هي وجوههم ضحكاتهم نقاش بصوت عال اختلاف حول رأي ما وكانت الصحيفة وستبقى منبراً فكرياً يقدم كل يوم جديداً في كل شيء ليس في الثقافة وحدها إنما بالترجمة والمجتمع والاقتصاد والآراء…
خلية عمل لما تتوقف اليوم استعيد صفحات منها هي ملء القلب.

وما بين حبر أول إمضاء وحبر نهاية عمل رسمي حكايا كثيرة … تفاصيل ليست شخصية لأنها تحمل في كل تفصيل بصمة ما … وقعها سيبقى محفوراً كوشم في ذاكرة من حبر العمل .. والحبر مهما كان هو أبجدية الذاكرة والخلود … وقائع
لا يمكن أن تكون خارج الذاكرة قد يروي نصفي الآخر بعضها وقد أرويه أنا.

واليوم أشعر أن مشيمة الحبر تشدني أكثر فأكثر إلى حياة كان العمل نبضها ويبقى الأجمل والأنقى في دورة الحياة… ليس الأمر وداعاً أبداً فمن ذاق طعم الحبر يوماً فلن ينساه … مشيمة من حبر تمتد معي معنا أبد العمر مهما تناءت المسافات … إنه حبر من قارورة سورية العطر فيها من كل قلب نبض، حراسها باقون زملاء يضيفون ويراكمون كل جديد لهم التحية وسلام على حبر هو أنقى عطور وأبهاها وقد امتد ليشمل أسرتي كلها وهذا الذوبان في حديقة من حدائق التنوير.
نسيت أن أخبركم أن نصفي الآخر علق على جدار   مكنبه إعلاناً لفنانة سورية مبدعة.. هي الدكتورة الهام شدود.
حمل عنوان … تجربة ما بعد التقاعد … فهل يستعد ليروي قريباً بقية الحكاية وهو من يرى أن العمل الصحفي نصف حقيقته حيث لا نقف ويكتب يوميات نصف دائرية … هل يكمل أم ثمة من يكمل جزءاً ولكل منا حكاياته..؟

آخر الأخبار
النيرب معقل الوردة الشامية في حلب.. تعاون زراعي لتطوير الإنتاج  محافظة حلب تخصص رقماً هاتفياً لتلقّي الشكاوى على المتسوّلين   الاستجابة الطارئة لمهجري السويداء تصل إلى 84 ألف مهجر في مراكز إيواء درعا   صدور النتائج الأولية لانتخابات مجلس الشعب عن دائرتي رأس العين وتل أبيض  عودة 400 لاجئ من لبنان ضمن العودة الطوعية من الغياب الى الاستعادة.. إدلب تسترجع أراضيها لتبني مستقبلاً من النماء  "التربية": كرامة المعلم خط أحمر والحادثة في درعا لن تمر دون عقاب البيانات الدقيقة.. مسارات جديدة في سوق العمل خطّة التربية والتعليم".. نحو تعليم نوعي ومستدام يواكب التطلعات سرقات السيارات في دمشق... بين تهاون الحماية وانتعاش السوق السوداء فرنسا تصدر مذكرة توقيف ثالثة بحق المخلوع "بشار الأسد" إعادة تأهيل معبر الرمثا..رافعة للتنمية والاستقرار في الجنوب افتتاح مسجد "أبو بكر الصديق" بعد إعادة تأهيله في بلدة التح محافظ حلب: 842 شكوى تسوّل خلال شهرين واستجابة ميدانية تتجاوز 78بالمئة تجربة ميدانية لتجميل دمشق تبدأ من شارع برنية افتتاح قسمي العمليات وغسيل الكلى في مشفى عائشة بمدينة البوكمال قطع غيار السيارات المستعملة " مصيبة " جديدة تستنزف الناس و القطع الأجنبي تصحيح العلاقات بين دمشق وبكين بعيداً عن المحاور والاستقطاب  تنظيم إقامة المناسبات في حلب.. خطوة لضبط الأمن أم عبء إداري جديد؟ هل تقاعس الاتحاد الأوروبي تجاه غزة بذريعة خطة ترامب؟