الحرب أفرزت مئات المعارض وآلاف المقالات التشكيلية

 

الثورة أون لاين ـ أديب مخزوم :

لايمكن إحصاء عدد المعارض الفردية ، والمقالات والزوايا المرتبطة بها ، والتي أدانت وحشية الإرهابيين ، وجرائمهم ، التي فاقت كل قدرة على التخيل والوصف ، والذين يتابعون مسار تطور الفن السوري يدركون مسبقاً ، أن رحلة فنانينا في معالجة موضوعات المعارك والحروب ، قد بدأت منذ فجر الاستقلال ، وأخذت لوحاتهم وجدارياتهم ومنحوتاتهم تسجل خطوات دحر الغزاة على أبواب المدن السورية ، كما أبرزت تلك اللوحات، حيوية المعارك والفروسية وزهوة الانتصارات .
والفنان السوري لم يقدم تنازلات فنية ، في تجسيد أجواء العدوان ، والرد الحاسم عليه ، لأنه يمتلك القدرة على تجاوز اللوحة التسجيلية ، والوصول إلى لوحة واقعية حديثة أو رمزية أو تعبيرية ، تبرز تعاطفه مع الأحداث الوطنية ، وفي هذا النطاق يظهر كفنان حديث وملتزم ، يعالج بلوحاته الملاحم البطولية ، عبر معطيات اللوحة والمنحوتة والمحفورة ، ويسجل وبصورة بانورامية ملاحم مواجهة العدوان ، وإظهار إشراقات الأمل ، بكل الأبعاد الوطنية والإنسانية
وفي الزمن الدامي ، تظل الثقافة ملاذاً وعلاجاً ، ويبقى الفن قادراً على فضح الزيف وإسقاط الأقنعة وإظهارالحقيقة ، ومواجهة الظروف العصيبة ونزعات التخلف والتطرف ، وايجاد طريقة ووسيلة تغيير ، وفسحة تفاؤل وأمان ، تجنب العصر مخاطر الانفجار الكبير ، الذي يهدد كوكبنا الأرضي بالدمار النووي والفناء الشامل في لحظة شؤم .
ورغم كل المجازر والفواجع والمآسي والويلات ، ستظل دمشق صامدة ، تقاوم الموت والقتلة ، وستبقى منتشية برائحة ياسمينها ، وبحيويتها الفنية والثقافية ، ولن تقوى عليها قوى الشر والعدوان والإجرام ، والذين يتابعون حركة المعارض والنشاطات الثقافية ، لامسوا حضور الزمن الآخر ، رغم تساقط الصواريخ والقذائف .
وحين تلجأ القطعان الظلامية ، إلى التضليل والتمويه وخلق الذرائع والمبررات الواهية ، والتي لاتحقق أدنى درجات الإقناع ، تكون قد أعلنت عن إفلاسها ، وهزيمتها الكبرى . فالفن التشكيلي السوري ساهم ، والى حد بعيد ، في التعبير عن همجية كل عدوان كان يقع على المدن والقرى والشعوب الآمنة .
هكذا أفرزت الحرب الكونية الظالمة ، على المجتمع السوري ، مئات المعارض وآلاف اللوحات ، التي تدين وحشية الإرهابيين ، وجرائمهم ، ورغم أن الواقع الذي نعيشه ، أصبح مفجعاً ومتخلفاً ، إلى درجة مخيفة ، فإن النشاط الثقافي المستمر المتواصل يمنحنا فسحة أمل بعودة الحياة الطبيعية ، وعودة الاستقرار والآمان الى ربوع وطننا الغالي .
فالكلمة المتقنة والموزونة والشاعرية ، واللون العفوي والتلقائي ، المشبع بالمشاعر والأحاسيس الإنسانية العميقة ، والنغم الراقي والقادر على البقاء والديمومة والخلود ، والكتلة المنحوتة التي تحقق علاقة جمالية متوازنة في الفراغ ، ووسائل التعبير البصرية والسمعية المختلفة ، تشكل في النهاية ، فسحات سمعية وبصرية للتنفس ، والانفلات من مرارة الواقع ، وكوابيس الحروب المعلنة والمؤجلة .

a2.jpg

وليس مطلوباً من الفن أن يكون مرتبطاً بدلالات تعبيرية مباشرة ، حتى يحمل صفة الالتزام بقضية الجماهير المصيرية ، فالفنان الذي يجسد امرأة تحتضن أغصان الياسمين الدمشقي ، يؤكد استحالة البقاء في هذا الخراب ، ويعطي لوحته مدلولات تعبيرية وطنية ، فالياسمين هو رمز دمشقي ، تغنى به كبار الفنانين والكتاب والشعراء .
والحركات اللونية المشرقة والنابضة بالحياة ، تؤكد استحالة البقاء في ظل هذا السواد المثخن بالجراح والمآسي والويلات .
ولقد شكلت لوحات العديد من فنانينا التي أنجزت خلال سنوات الحرب ، مدخلأ لرؤية أجواء القلق والاختناق اليومي ، إنها النص التشكيلي المشرع على كل الاحتمالات ، والقادر على استقطاب تعابير الوجوه المشدودة ليوميات الموت الأسود وحرائق المدن وحكايات المخاض العسير ، الذي اخفى خلفه القاتل والقتيل أو المجرم والضحية ، وبتصاعدية وتيرة تدمير القدرات الاقتصادية والحياتية وعمارات المدن والقرى ، وكانت بمثابة صدى لمرايا الدمار والخراب والقتل والأهوال والمآسي والويلات ، وأشلاء المدن والقرى المنكوبة ومتاهات الأحلام المفجوعة وسط الدمار والخراب وأشباح الموت والأحزان المتواصلة .‏
ولقد جاءت لوحات الحرب متوافقة مع الأجواء المرعبة المحيطة بحياة الأطفال في الأمكنة المحاصرة ، وفي شوارع المدن والقرى المدمرة بزلازل الحروب . هكذا برزت رائحة الحقيقة وهمجية العنف ، كما لمسنا في بعض الأعمال إصراراً على استخدام بعض الرموز مثل الطير الجريح والحمامة والحصان ، وهذا التداخل بين أدوات الشر ورموز السلام يمنحنا فسحة من التفاؤل بالرغم من اعتماد وهج اللون الأحمر الذي يرمز في أحيان كثيرة إلى الدم أو إلى النار ، فالدمج ما بين رموز الموت والخراب والدمار وبين رموز الحياة والولادة الجديدة يعبر عن تداخل الاحاسيس والرغبات والهواجس الانسانية العميقة .

وحتى لا يتحول هذا الخراب والدمار والموت إلى كابوس دائم ، رسم الفنان الحالم بالمستقبل ، رموز الولادة الجديدة ، وترك فسحة أمل في لوحاته حتى لا يموت العشب بين الأنقاض .‏
فالمرأة العارية المجسدة في بعض اللوحات هي رمز للأرض المستباحة ، والمجازر والأوجاع سببت خطوات الاقتلاع والتهجير ، أما الوهج اللوني فهو يخفف من حدة السواد ، ويمنح العين المزيد من الأمل بعودة الحياة إلى الوجوه الذابلة والمكسورة والممحية والغائبة وسط الدخان الأسود لحرائق المدن المتصدعة والمدمرة والمحاصرة

آخر الأخبار
عودة الحياة إلى مدرسة الطيبة الرابعة في درعا  نقيب معلمي سوريا يزور ثانوية مزيريب بعد حادثة الاعتداء   القبض على خلية إرهابية بعملية محكمة في اللاذقية  الشرع يبحث مع وزير الدفاع وقادة الفرق المستجدات على الساحة الوطنية  تحذيرات من "خطر "تناقص المياه  "نبض سامز": تدريب مكثف لرفع كفاءة الأطباء في إنقاذ الأرواح  النيرب معقل الوردة الشامية في حلب.. تعاون زراعي لتطوير الإنتاج  محافظة حلب تخصص رقماً هاتفياً لتلقّي الشكاوى على المتسوّلين   الاستجابة الطارئة لمهجري السويداء تصل إلى 84 ألف مهجر في مراكز إيواء درعا   صدور النتائج الأولية لانتخابات مجلس الشعب عن دائرتي رأس العين وتل أبيض  عودة 400 لاجئ من لبنان ضمن العودة الطوعية من الغياب الى الاستعادة.. إدلب تسترجع أراضيها لتبني مستقبلاً من النماء  "التربية": كرامة المعلم خط أحمر والحادثة في درعا لن تمر دون عقاب البيانات الدقيقة.. مسارات جديدة في سوق العمل خطّة التربية والتعليم".. نحو تعليم نوعي ومستدام يواكب التطلعات سرقات السيارات في دمشق... بين تهاون الحماية وانتعاش السوق السوداء فرنسا تصدر مذكرة توقيف ثالثة بحق المخلوع "بشار الأسد" إعادة تأهيل معبر الرمثا..رافعة للتنمية والاستقرار في الجنوب افتتاح مسجد "أبو بكر الصديق" بعد إعادة تأهيله في بلدة التح محافظ حلب: 842 شكوى تسوّل خلال شهرين واستجابة ميدانية تتجاوز 78بالمئة