الثورة أون لاين – عمار النعمة:
ليس خافياً على أحد أن ما تعرضت له سورية خلال العشر سنوات من الحرب الظالمة عليها لم تتعرض له دولة في العالم بالعصر الحديث, فسورية الأم وبوابة الشرق لم يتوان الخونة والعملاء عن مؤامراتهم ومخططاتهم فاستهدفوها ثقافياً وإعلامياً وحضارياً وعسكرياً, ارتكبوا أبشع الجرائم وأفظعها لتدمير بنيتها التحتية فكان الاستهداف للمؤسسات والمعامل والمشافي والجامعات …
في سني الحرب خطّ رجال الجيش العربي السوري انتصارات دوّنت في سجلات التاريخ, فمن أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب كانت الانتصارات متلاحقة, فهوت قوافل الحقد والجهل والكراهية في مزابل التاريخ.
هل نتحدث عن معارك حلب الأبية, أم معارك دمشق ودرعا وحماه وحمص والقائمة تطول … “عليكم السلام يا حماة الديار” هكذا كانت الحناجر تصدح لمن أعاد لهم السلام والأمن والطمأنينة وطهر التراب من رجس الإرهاب .
عبر التاريخ لم يُسجل يوماً أن السوريين تخلوا عن شبر من أراضيهم التي اغتصبت بالقوة، مهما كانت قوة المعتدي أو المحتل، بل كانوا في كل مرة أقوى وأشرس إيماناً منهم بالقدرة على فتح الأبواب الموصدة, وبتحقيق الآمال التي أينعت من الأحلام.
على مدى عشر سنين بنهاراتها ولياليها كان الإيمان بإمكان الإنجاز والصمود هما المحركان الأساسيان لحركة الشعب وفعله, وكانت الرؤيا التي عبروا عنها ترسم الحماسة على وجوههم في كل مكان, ففي الجامعات مثلاً كان الأساتذة والطلاب يقفون صفاً واحداً في سبيل استمرار العلم والتعليم والمعرفة, لم يكن هؤلاء أناسا عاديين, شباب بعمر الورد رسموا، لبسوا أجمل أثواب الحضارة, فلم تتوقف حركة التعليم يوماً واحداً.
عجلة المشافي التي طالتها يد الغدر وقذائف الحقد والكراهية شهدت حكايات أسطورية أبطالها رجال الحق وإلى جانبهم رجال الجيش الأبيض, فهل ننسى ملحمة مشفى الكندي بحلب الذي دمره الإرهاب بعد محاولات بائسة عديدة وكثيرة, وكيف دافع عنها أبناؤها بدمائهم حتى آخر لحظة فروت دماؤهم أرض المدينة بأكملها.
هل ننسى ما فعله الإعلام السوري وكيف كان إلى جانب رجال الله صفاً واحداً, يكشف زيفهم وفبركاتهم ومؤامراتهم العفنة ليثبت للعالم كله أننا أبناء الحقيقة التي لن نحيد عنها يوماً …
هل نذكرهم بالمستشرق والباحث فريدريك بيشون الذي تناول الإعلام الغربي في كتابه الذي يتحدث عن (المحنة السورية) فاضحاً المعالجات الرخيصة غير المهنية في تغطية الأحداث.
فقال : (أغمض الإعلام الفرنسي عيونه عن كل هذه الأساليب الملتوية متناسياً أنه الإعلام المتعجرف والملقن دروساً للعالم أجمع في المثل والقيم وحرية الصحافة. يا للعجب، إننا أمام ممارسات مريبة! تُظهر مدى استخفاف الإعلام الفرنسي بمواطنيه).
ألفُ صورةٍ وصورة.. وكل صورة فيها تلخص ألف حكاية.. كأنها لوحات فنية رُسمت من مشاعر وأحاسيس تفجّرت على مدار السنين الماضية.
حناجر هتفت للوطن، ولحبّه، وجباه سمراء تركت وراءها كل شيء لتحمي أرضها وعرضها، وليرسموا أجمل صورة لوطن وشعب عظيمين, يربطهما شريان واحد هو شريان الحياة والأمل بقادم أجمل.
بقوة وعزيمة, اجتمع السوريون ليثبتوا أنهم قادرون على قهر المستحيل، فليبصر العالم إذا أن أسوار سورية عالية رغم كل أدواتهم ومؤامراتهم, وأن الثابت الوحيد هو وطن مخضب بدم الشهداء يحرسه أبطال سوريون بادلوه الحبّ بالحب, فلم ولن يخيب آمالهم يوما.