انخفض منسوب الخوف والهلع الذي ترافق في الأيام والأشهر القليلة الماضية مع الارتفاعات السريعة والمتسلسلة لأسعار صرف العملات الأجنبية بمواجهة الليرة، واتخذت الأمور منحى الهدوء والاستقرار الحذر، بعد أن تغيّر منحى الارتفاع إلى انكسارٍ معاكس بدأ سعر صرف العملات الأجنبية يتدحرج هبوطاً شيئاً فشيئاً أمام القرارات والإجراءات المعلنة – وربما الخفيّة – التي مكّنت الليرة السورية من استرجاع جزء لا بأس به من قيمتها المهدورة في ميادين التلاعب والمضاربة، حيث وصل هذا الاسترجاع اليوم إلى نحو / 1500 / ليرة بمواجهة الدولار الذي كاد أن يصل عبر دهاليز السوق السوداء إلى أبواب الخمسة آلاف ليرة.
مكاسب حقيقية ومحرزة إذاً حققتها الليرة السورية الآن خلال أيام قليلة على الرغم من بقاء سعر العملات الأجنبية بهذا الشكل الحالي مُحلّقاً أكثر مما ينبغي بكثير في السوق السوداء الموازية الشهيرة والمخصصة لإحداث تشوّهات في سعر الصرف تنعكس بشكلٍ عميق ومباشر على أسعار السلع والمواد في السوق التي اشتعلت في تلك الفترة الماضية وبشكلٍ غير مسبوق مهدّدة بسحق الحالة المعيشية لأغلب المواطنين.
الآن ومع هذا الواقع الجديد بدأت العديد من السلع والمواد في السوق تشهد انخفاضاتٍ خجولة ولا تكادُ تُذكر في أسعارها، وهي ستبقى هكذا خجولة ومتردّدة إن لم تتابع الجهات الحكومية المختصة إجراءاتها التي فعلتها في الأيام القليلة الماضية بحسمٍ بلا تردّد، وقوةٍ بلا توقف وإصرار بلا تراجع ليتأكد المترددون في تخفيض الأسعار أن مناوراتهم لن تفيدهم شيئاً، وهم أمام واقع جديد لا مناص من الركون إليه وخفض الأسعار بالتي هي أحسن.
لا يهمنا كمواطنين ما تلك الإجراءات الحكومية .. سواء أكانت بوضع حد للمضاربين.. أم باعتماد سياسات تشجيعية لزيادة التحويلات الواردة، أم إجراءات أخرى .. فلتكن ما تكون، المهم هو عدم التردد وعدم التراجع، لأنّ من يتلطّون وراء الصخور والحيطان ويترددون بخفض الأسعار ينتظرون نهاية هذه الهبّة التي يعتبرونها غيمة عابرة، ولن يقتنعوا حتى يُدركوا تماماً أنّ ما يحصل ما هو إلا زخّات أول الغيث الذي لم يروا سخطه بعد.
على الملأ – علي محمود جديد