كلمة الموقع- بقلم أمين التحرير- ناصر منذر:
السادس من أيار، يختزل تاريخ الشعب العربي السوري بعنفوانه، ومقاومته لكل أشكال الاحتلال والاستعمار، وعدم مساومته على استقلال وسيادة وحرية بلده، فأبناء سورية اعتنقوا الشهادة عقيدة، وآمنوا أن أرض وطنهم لن تطهر إلا بدمائهم الزكية ليحيا من عليها بأمن وسلام، وقد وثق التاريخ في كل مرحلة تتعرض فيها سورية لعدوان خارجي، أن أبناءها كانوا سباقين إلى صد هذا العدوان، ويجودون بأرواحهم فداء لتراب وطنهم المقدس.
شهداء السادس من أيار خالدون في ذاكرة السوريين، فهم عبدوا طريق المجد والفخار لقوافل الشهداء التي لحقت بهم، لتكتب تاريخ الوطن والأمة بأحرف من نور ونار، فكانوا شرارة الثورة العربية التي طردت الاحتلال العثماني، مروراً بشهداء الثورة السورية الكبرى الذين مهدوا الطريق لاستقلال سورية من المحتل الفرنسي، وجاء بعدهم شهداء حرب تشرين التحريرية الذين أذلوا العدو الصهيوني، واليوم يجسّد أبطال الجيش العربي السوري مآثر آبائهم وأجدادهم العظام، في مقارعة الغزاة والمستعمرين، فيسطّرون أروع الملاحم البطولية في تصدّيهم للتنظيمات الإرهابية التكفيرية على مختلف تسمياتها، ومموّليها وداعميها في أميركا والغرب، وأتباعهم من أنظمة إقليمية ومستعربة، ويسترخصون دماءهم من أجل الذود عن حياض الوطن، كي تبقى سورية كسابق عهدها، قلعة عصيّة على الأعداء، ورايتها عالية خفّاقة على الدوام.
عام 1916 لم يتمكن العثماني جمال باشا السفاح بإعدامه في السادس من أيار، نخبة من المثقفين والسياسيين والمناضلين الأحرار، وفي مقدمتهم (شفيق بك مؤيد العظم والشيخ عبد الحميد الزهراوي والأمير عمر الجزائري حفيد الأمير عبد القادر الجزائري وشكري بك العسلي وعبد الوهاب الإنكليزي ورفيق رزق سلوم ورشدي الشمعة) من أن يطفئ حمية الشعب وشعلته الملتهبة.. حيث اندثر ذاك السفاح، وبقي الشعب السوري يقارع ظلم المستعمر، ويواجه مخططاته.. واليوم عاد السفاح العثماني باسم جديد ” اردوغان”.. وهذا المجرم يسير على خطا أجداده القتلة، وينفذ أجندات قوى الاستعمار الغربي الجديد، الذي ما زال يتوهم بأنه قادر على إخضاع شعب تربى على الأنفة وعشق الحياة، فالمعركة التي يخوضها الشعب السوري ضد الغزاة والمحتلين وأدواتهم الإرهابية اليوم، هي نفسها بالأمس وإن تبدل لبوسها.. ولكن كما طرد هذا الشعب المحتل العثماني ذليلاً، فإنه سيدحر الغزاة والمحتلين الجدد، ويطهر أرضه من دنس الإرهاب الوهابي التكفيري،.. فمن يقدس الشهادة.. ويعشق الحياة يعرف كيف يحافظ على الوطن، ويحمي استقلاله، ويصون كرامته.
من دماء شهداء السادس من أيار، يستمد السوريون قوتهم في مقاومة كل أشكال العدوان و الاحتلال والحصار، لصنع حياة أفضل لوطنهم وأولادهم وأحفادهم، وفي ظل تصدي السوريين للحرب الإرهابية الشرسة اليوم، صار الشهيد فرداً في كل أسرة أو عائلة سورية تزف ابنها الشهيد بالأهازيج والغار، وهي لا تتوانى عن تقديم المزيد من الشهداء فداء لتراب الوطن.. فالشهادة.. هي السلاح الأمضى في تاريخ السوريين المخضب بدماء شهدائه الأبرار، الذين استعذبوا الموت في مقارعة كل إرهابي وغاز محتل لتحيا أمتهم ووطنهم.. فكانوا أعز وأنبل من تحق فيهم الذكرى، وأصبحوا مشاعل نور تضيء للأجيال القادمة طريق النضال، وسبيل مجابهة التحديات وقهرها، والشهادة ستبقى وساماً على صدورهم، لما لها من معاني ودلالات لا حدود لها، حيث النصر هو دائماً حليف الحق، مهما تجبر العدو وتغطرست أدواته الإرهابية والإجرامية.