ربما أفضل ما عشناه هذا العام، أن خيارات المشاهدة محدودة، لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، محدوديتها أتاحت لنا متابعة هادئة، وكشفت سريعاً عن انتقائية لا تتجاوز عملين أو ثلاثة أعمال يمكن متابعتهم، ورغم ذلك حافظت على تنوعها، ما بين اجتماعي، وبيئة شامية، بوليسي، وحتى بدوي.
التنوع لا يعني أنها تهتم بما يريده المشاهد، بل على العكس تماماً، كل من يتعامل عن قرب مع شركات الإنتاج يدرك أنها تنمط بضاعتها، وفقاً لمقولات جاهزة، تعتقد فيها أنها فهمت مزاج وذائقة الجمهور، وبات بإمكانها إقرار ما يريده ضمن برمجتها، السنوية، والتي غالباً لا تهتم إلا بشهر رمضان لما فيه من سلة رمضانية مشوقة مالياً.
فيما مضى حين لم تكن تبدو اللعبة الدرامية بهذا الوضوح، وفي زحمة الأعمال الدرامية، لم نكن نتأمل في كمائن شركات الانتاج وأسلوبيتها الإدارية التي تتيح لها تبني من تشاء ونبذ كل من لا يخدم رؤيتها الإنتاجية، الأمر الذي يجعل وصول سيناريوهات جديدة إلى أدراج تلك الشركات أمراً نادراً.
إنه طوق درامي تحيط به تلك الشركات ذاتها، ولن يتمكن من خرق الطوق أي نص خارج ذائقة قراء تلك الشركات، وبالتالي فإننا من الطبيعي أن نعيش مع هذا الدوران في المكان، بحيث يبدو نصاً عادياً في الأحوال العادية، مبدعاً لا يشق له غبار في هذا الوقت الإنتاجي.
المسلسلات الدرامية بالنسبة لشركات الإنتاج، صناعة يقودها عقل إنتاجي لا يتشابه مع غيره إلا في ضرورة مضاعفة الأرباح وبالطبع حقهم الطبيعي…ولكن المشكلة أن تلك الشركات لاتضع منهجية عمل تراعي فيها البعدين الفني والمادي، كنا حينها سنرى تنوعاً فكرياً وفنياً يغني السوق الرمضاني، بعيداً عن هذا الطوق الذي يضيق على أعناقنا موسماً إثر آخر.
رؤية- سعاد زاهر