المسافة الفاصلة

كثيرة هي الأشياء التي بإمكاننا إنجازها وتحسين أوضاعنا بتحقيقها ولا تحتاج بداية إلاّ القناعة بذلك ومن ثم بذل الجهود والعمل على الوصول إليها، ولكن العديد من الأعمال لا تأتي أُكُلها إلا بتضافر جهود متعدّدة الأطراف تتكامل مع بعضها لتعطي ثمارها الناضجة وآمالها المرجوّة.

وسورية كبلدٍ زراعي تمتلك البيئة المناسبة والخصبة -على سبيل المثال- لتحقيق الكثير من الاحتياجات وتوفيرها بما يمكنها من الاستغناء عن حاجتها للغير، ولكن الوقائع تشير إلى غياب العديد من المبادرات الممكنة عن الساحة، ما أدى إلى وقوعنا ببعض الأزمات التي كان بإمكاننا أن نتلافاها لو أننا كنّا جادين وبذلنا بعض الجهود بعزيمة ودون تردّد.

من هذه الأزمات التي نعيشها اليوم جميعاً هو النقص الشديد في بعض العناصر الغذائية والشعبية الهامة التي كنّا نعيش معها حالة فائض واضحة، وإذ بها تنسحب تدريجياً من سلّة غذائنا، ونقصد بذلك منتجات الدجاج من البيض واللحم الأبيض.

كان الإنتاج في سورية كافياً ووافياً، بل كان فائضاً عن الحاجة بكثير، وشهدت الحركة التجارية السورية المزيد من صفقات التصدير لهذه العناصر، وبقيت الأسعار منخفضة بشكل مريح أتاح للعموم القدرة على أن يبقى البيض واللحم الأبيض من العناصر الأساسية للسلة الغذائية السورية.

وشيئاً فشيئاً بدأت الأمور تتغيّر، ولا شك بأن ظروف الحرب لعبت دورها بهذا التغيّر، تراجع الإنتاج بشكلٍ كبير، وارتفعت الأسعار إلى الحدود التي لم تعد تُطاق فعلاً حتى خلت السلة الغذائية الشعبية من البيض والدجاج، أو على الأقل خفّت كثيراً، وإلى جانب ما خلّفه الإرهاب من تخريب ودمار للكثير من المداجن، فقد برزت في الآونة الأخيرة قضية حاسمة بدت وكأنها هي التي تقف وراء الوضع المتردّي الذي وصلت إليه الأمور من هذه الناحية، وهذه القضية هي نقص الأعلاف، وارتفاع أسعارها الشديد عالمياً، وهي مواد مستوردة من الخارج وتحتاج إلى قطع أجنبي من أجل توفيرها، فكل الأمور تبدو – للوهلة الأولى – مُغلقة في ظروفنا الصعبة، غير أن الحقيقة ليست كذلك، فالحل بأيدينا ولكننا لا نعمل على إيجاده، ولسنا جادّين بإنجاز هذا الحل، لأن مكوّنات هذا العلف كله يمكننا وببساطة أن ننتجها في أراضينا الواسعة، فهي عبارة عن خلطة من الذرة والقمح والشعير، وبعض البذور الزيتية التي يمكننا أن نزرعها بكل سهولة، والغريب فعلاً هو غياب الخطط المتقنة والحاسمة لإنقاذ الوضع بزراعة مثل هذه المواد على نطاق واسع، والتي بنقصانها وصلنا إلى هذه الحالة الصعبة من نقص سلّة غذائنا.

ما كنا نحتاج لإنقاذ الموقف إلاّ إلى العمل الجاد لتحقيق هذه الأمنية البسيطة التي ترتب عليها ما ترتب من المعاناة ونقص الاحتياجات اليوم، ولكن هنالك ما يشبه السكون والملل والتراخي الكسول الذي أدى إلى تعميق المشكلة، لأن العديد من الأطراف الزراعية والفنية والتمويلية لم تهتم بإيجاد الحل.. فكان ما كان.

العمل -باختصار- هو ذلك الفرق والمسافة الفاصلة بين جمود السكون، وحيوية الحركة، وهو الحالة التي تفيض بعدها الأهداف المرسومة بشكل عام، والأهداف هي كالمرآة العاكسة التي تحدد مدى أهمية العمل وفضائله، ونحن في سورية لا نحتاج إلى شيء أكثر مما نحتاج إلى العمل لأنه هو الكفيل بتحقيق أمنياتنا وتلبية احتياجاتنا عبر تحريك عجلة الإنتاج، على أي صعيدٍ كان.

على الملأ- علي محمود جديد

آخر الأخبار
بعد حسم خيارها نحو تعزيز دوره ... هل سيشهد الإنتاج المحلي ثورة حقيقية ..؟  صرف الرواتب الصيفية شهرياً وزيادات مالية تشمل المعلمين في حلب  استجابة لما نشرته"الثورة "  كهرباء سلمية تزور الرهجان  نهج استباقي.. اتجاه كلي نحو  الإنتاج وابتعاد كلي عن الاقتراض الخارجي  الهوية البصرية الجديدة لسوريا .. رمز للانطلاق نحو مستقبل جديد؟ تفعيل مستشفى الأورام في حلب بالتعاون مع تركيا المؤتمر الطبي الدولي لـ"سامز" ينطلق في دمشق غصم تطلق حملة نظافة عامة مبادرة أهلية لحفر بئر لمياه الشرب في معرية بدرعا السيطرة  على حريق ضخم في شارع ابن الرشد بحماة الجفاف يخرج نصف حقول القمح الإكثارية بدرعا من الإنتاج  سوريا نحو الانفتاح والمجد  احتفال الهوية البصرية .. تنظيم رائع وعروض باهرة "مهرجان النصر" ينطلق في الكسوة بمشاركة واسعة.. المولوي: تخفيضات تصل إلى 40 بالمئة "الاقتصاد": قرار استبدال السيارات مزور مجهولون في طرطوس يطلبون من المواطنين إخلاء منازلهم.. والمحافظ يوضح بمشاركة المجتمع الأهلي.. إخماد حريق في قرية الديرون بالشيخ بدر وسط احتفالات جماهيرية واسعة.. إطلاق الهوية البصرية الجديدة لسوريا الشيباني: نرسم ملامحنا بأنفسنا لا بمرايا الآخرين درعا تحتفل .. سماءٌ تشهد.. وأرضٌ تحتفل هذا هو وجه سوريا الجديد هويتنا البصرية عنوان السيادة والكرامة والاستقلال لمستقبل سورية الجديدة