مشهد الانتصار السوري، لا تزال مفاعيله تدوي في الكثير من أرجاء العالم، رسائله السياسية وصلت للجميع، الأصدقاء يبنون على هذا الانتصار لتعزيز مواقفهم الداعمة لحق السوريين في الدفاع عن وطنهم واستقلالية قرارهم، بينما الأعداء ما زالوا مصابين بداء العمه العقلي تجنباً لآثار الصدمة من وقع الهزيمة التي حلت بمشاريعهم ومخططاتهم، ويكفي أن الانتخابات بزخمها الشعبي الكبير أسقطت من أيديهم بدعة الحكم على شرعية وديمقراطية ونزاهة انتخابات الشعوب التي تكن لها العداء المستحكم، فلم يعد بإمكانهم ممارسة ألاعيبهم القذرة لإسقاط الحكومات الشرعية المنتخبة، أو حتى الاستمرار في سياسة التضليل والكذب لمحاولة نزع الشرعية عن تلك الحكومات.
من المهم جداً التنويه بمسألة الالتزام بالمعايير الديمقراطية التي أدت بدورها إلى نجاح العملية الانتخابية في كل مراحلها بهذا الشكل الفريد، وهذا مرده لنصوص أحكام الدستور الذي أجمع عليه السوريون، ويضاهي أفضل الدساتير وأكثرها حضارية حول العالم، وهذا يسقط الذرائع التي يتخذها الغرب مطيةً للتدخل في الشأن السيادي السوري، ومن هنا فإن حملات التشكيك الأميركية والأوروبية ليس لها أي وزن أو قيمة، وإنما هي محاولة جديدة للهروب إلى الأمام فرضها صمود الشعب السوري وانتصاره على الإرهاب.
الاحتفالات الجماهيرية المتواصلة على امتداد ساحات الوطن، لم يحدث خلالها أي إشكال أمني، أو حتى مشاجرة فردية بين المشاركين، وهذه نقطة مهمة تعكس حقيقة تعاضد السوريين، ومدى تماسك وحدتهم الوطنية، والتفافهم حول قيادتهم السياسية لمواجهة التحديات الكبرى، وتدحض في الوقت نفسه كل الأكاذيب والادعاءات التي روجتها الحكومات الغربية وإعلامها المضلل لتشويه صورة الأحداث في سورية، فغني عن التذكير بأن سياسة الكذب والتضليل تلك، قد شكلت إحدى الركائز الأساسية للاستراتيجية الأميركية والأوروبية في الحرب الإرهابية على سورية طوال السنوات العشر الماضية، حيث بنيت هذه الحرب منذ بدايتها على تلال من الأكاذيب يطول تعدادها وشرحها، وحتى هذه اللحظة لم تزل تلك السياسة قائمة رغم انكشافها وتعريتها، وقد سبق للسوريين أن عروا تلك السياسة خلال استحقاقاتهم الوطنية السابقة.
يحسب للسوريين أنهم أعطوا للعالم نموذجاً فريداً في المقاومة والصمود، وبأن الإرادة القوية قادرة على قهر دول البغي والعدوان مهما تعاظمت قوتها، ويحسب لهم أن كشفوا للعالم حقائق لطالما أراد الغرب كتمها والتعتيم عليها، بأن الديمقراطية الغربية هي مجرد كذبة كبيرة تعيشها شعوب تلك الدول، وفزاعة تستخدمها حكوماتها ضد من يعارض سياساتها الهوجاء، فتحت كذبة ديمقراطيتها المزعومة حاولت عرقلة وتعطيل أهم استحقاق ديمقراطي في سورية، وباسم الحرية التي تتشدق بها ليل نهار، أرادت سلب حرية التعبير لدى الشعب السوري ومصادرة قراره، كي تنصب نفسها وصياً عليه، لتقرر عنه مسار مصيره ومن سيمثله، ولكن السوريين نسفوا قواعد اللعبة، قلبوا الموازين وحطّموا غرور صانعي الحروب في الغرب، وأثبتوا أن مستقبل الأوطان يصنعه شعوبها فقط.
بقلم أمين التحرير ناصر منذر